خذ وخل: الحملات الانتخابية وديموقراطية الأغنياء

نشر في 04-05-2008
آخر تحديث 04-05-2008 | 00:00
 سليمان الفهد

إن الحملة الانتخابية الحديثة مكلفة جدا، الأمر الذي يؤدي بالحملات الانتخابية إلى أن تكون غير متكافئة بداهة ولا عادلة، فثمة مرشحون يملكون محطات فضائية، وفي مقدورهم شراء أوقات عرض تلفزيونية ذات مشاهدة جماهيرية طاغية بأثمان ذات أرقام فلكية تدير الرؤوس المستورة.

فرضت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بشأن تنظيم عملية اتصال المرشح بناخبيه اللجوء إلى استخدام وسائل الاتصال الحديثة المتمثلة بالكمبيوتر، وفضاء الشبكة العنقودية والموبايل، فضلا عن قنوات التلفزيون الفضائية، سنلاحظ -بادي ذي بدء- أن المرشحين الميسورين، وحدهم، سيكون في مقدورهم استخدام هذه الوسائل، سبيلا إلى إرسال خطاب المرشح وإيصاله إلى عقر دار الناخب.

إن الحملة الانتخابية الحديثة مكلفة جدا، الأمر الذي يؤدي بالحملات الانتخابية إلى أن تكون غير متكافئة بداهة ولا عادلة، فثمة مرشحون يملكون محطات فضائية، وفي مقدورهم شراء أوقات عرض تلفزيونية ذات مشاهدة جماهيرية طاغية بأثمان ذات أرقام فلكية تدير الرؤوس المستورة، وتشي لها بأن الديموقراطية في سياق الحملات الانتخابية الباهظة التكاليف هي ديموقراطية الأغنياء بمعنى من المعاني! وهي ديموقراطية، كما ترون، يحظى بها القلة. من هنا نتساءل: أثمة وسيلة عادلة منصفة تتيح حق الاتصال والإعلام للمرشحين كافة من دون تمييز يفرضه سلطان المال وسطوته؟! فكيف والأمر كذلك أن يتنافس الموظف المقيد بالدخل المحدود مع خصمه الميسور الذي بحوزته محطة تلفزيونية، وصحيفة يومية وحشد من الخبراء والمختصين يديرون له حملته الانتخابية؟! فحق الإعلام، كما ترون مثلوم ومنقوص!

* في المملكة المغربية، لاحظت أن جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية، تحظى بحصص متساوية من الوقت التلفزيوني في المحطات الحكومية. وهذه الصيغة يمكن تكويتها والتأسي بها؛ على الرغم من أن الأحزاب عندنا موجودة وفاعلة، لكنها غير مرخصة. ما علينا... لأن المهم هو أن تتحقق العدالة والمساواة بوجود الأحزاب... أو من دونها! ذلك أن حق الاتصال والإعلام مشاع للجميع، وليس حكراً على أحد دون غيره، وقد يحتج أحدهم بدعوى أن التفاوت الطبقي المادي بين المرشحين واقع حاضر نتعايش معه من دون ضغينة وحسد وأي مشاعر سلبية، وبالتالي لا يجوز تأميم القطاع السياسي أو تحجيمه بذريعة المساواة بين المرشحين، وغير ذلك من المساعي الساعية إلى أن تكون الانتخابات شفافة إلى حد لا تخشى معه من وجود المراقبين والإعلاميين وغيرهم، ذلك أن الذي يسير «عدل» وعادل يجنّب نفسه الوقوع في الخطأ والخطيئة!

* والسؤال الذي يخطر على البال الحين هو: إلى أي مدى تؤثر وسائل الاتصال في صياغة القرار الوطني الذي سيتخذه الناخب لحظة عملية الاقتراع؟!

بالطبع لست ملزما بالإجابة عن السؤال، لأن حسبي طرحه وتسطيره على الورق! لكن ذلك لا يمنع من إعلان الاعتقاد الذي يكتنفني بشأن حضور الاتصال في فضاء الناخبين وتأثيره إيجاباً فيهم.

في البداية لست مع تلك الفصيلة من المرشحين الذين يمارسون الحملة الانتخابية وكأنهم في إحدى ولايات أميركا! ومن نافل القول: التنويه بأن ما يناسبنا ويصلح لهم، لا يعني -بالضرورة- أنها كذلك بالنسبة إلينا، لاسيما أن وسائل الاتصال في الولايات المتحدة الأميركية تدس أنفها في تفاصيل الحياة اليومية للإنسان الأميركي، فتراها «تختار» له ما يأكل ويشرب، بحيث لا تغادر صغيرة ولا كبيرة، حاضرة في حياته اليومية، إلا روّجت لها مبهورة بتقنيات الإشهار الجذاب المحرض على الاستهلاك والتسوق، والانسياق لغواية الإعلان وفتنته، وما إلى ذلك من صيغ اتصالية تتحكم بخلق المزاج العام، والوجدان العام. ولذا أحسب أن تأثير أفعال الحملة الانتخابية ستكون محصورة في أوساط الناخبين الشباب، فضلا عن النخب ومن لفّ لفهم!

أما الإنسان الكويتي العادي الممثل للعامة، فأحسب أن معاييره في الاختيار مازالت تقليدية، ولا تتأثر بالوسائل السياسية المتلفزة، أو عبر فضاء «النت والموبايل» بمختلف وظائفها التطبيقية كافة! ولعل الديوان هو الوسيط الأمثل للتواصل مع هذه العينة من المواطنين الذين يزنون المرشح بمعايير اجتماعية صارمة كما لو أن المرشح سيخطب ابنته.

back to top