Ad

الحال المتردي الذي وصلنا إليه هو نتاج جهود مستمرة من القوى الرجعية لعقود من الزمن، وسيتطلب منا نفس مقدار الجهد والزمن لإزالة ما خلفته، بشرط الإيمان بأن ما يعتري الطريق من إخفاقات هو أحد متطلبات النجاح المنتظر، لأننا إن أردنا... فـ«كلنا نقدر».

رآني منغمساً بالتحضير لمؤتمر الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، فرع الولايات المتحدة الأميركية، فسألني ببساطة «انت ايش مستفيد؟» قاصداً بذلك عملي الطلابي التطوعي، ولم تكن تلك المرة الأولى التي أُسأل فيها نفس السؤال، لكن ما أحزنني هذه المرة أنه جاء من صديق أفنى عامين من عمره في العمل الطلابي، ودائماً ما كان له رأي بالشأن الوطني العام، فأحزنني تقييمه للعمل الطلابي بناء على الاستفادة الشخصية.

مع ختام فعاليات المؤتمر قبل أسبوعين طويت الصفحة على واحدة من أجمل مراحل حياتي امتدت إلى أربعة أعوام في العمل الطلابي في أميركا، شهدت فيها قيام قائمتي «الوحدة الطلابية» بصنع التاريخ من خلال الفوز بثقة طلاب وطالبات الكويت في أميركا لقيادة الاتحاد بعد عشرين عاما من سطوة حزب الإخوان المسلمين عليه، والمحافظة على الريادة بثبات خمس سنوات متتالية، كما كنت محظوظاً أن سنحت لي فرصة العمل مع زملاء وزميلات من جميع الأجيال التي تعاقبت على القائمة منذ تأسيسها وشرفت بصداقتهم وتعلمت منهم الكثير.

ومع استعدادي للعودة إلى الكويت نبهني الزملاء إلى أن التحدي الأكبر هو الاستمرار في العمل وعدم ضمور النشاط في ظل سلبية أفراد المجتمع، وكنت ومازلت أكابر وأراهن على الاستمرار، إلا أنني لم أتوقع أن تصل تلك السلبية إلى من هم مثل صديقي الذي كنت أتطلع إلى العمل معه في الكويت بعد عودتي، لكن يبدو أن تجربته غير الموفقة في جامعة الكويت حدت به إلى الكفر بالعمل الطلابي، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة من أهمها شتات القوائم الوطنية وافتقارها إلى مشروع وطني يعد بديلاً للواقع الحالي، إذ يطغى- أو هكذا يظهر للقواعد- هدف إزاحة الإخوان على أي أهداف أخرى، وهو هدف انتخابي قصير المدى ينتفي مع إعلان نتائج الصناديق.

عودة إلى سؤال صديقي الذي لم أستطع الرد عليه إلا بـ«حسافة عليك يا بوغازي»، حيث مع مرور الزمن اكتشفت أن جماعة «حسافة عليك» كثر يشتركون في غنى التجربة وقصر النفس وعدم الإيمان بالقدرة على التغيير الجزئي المتراكم، متناسين أن الحال المتردي الذي وصلنا إليه هو نتاج جهود مستمرة من القوى الرجعية لعقود من الزمن، وسيتطلب منا نفس مقدار الجهد والزمن لإزالة ما خلفته، بشرط الإيمان بأن ما يعتري الطريق من إخفاقات هو أحد متطلبات النجاح المنتظر، لأننا إن أردنا... فـ«كلنا نقدر». وقد أكون مفرطاً في التفاؤل، لكنني تعودت منذ صغري أن أحلم بالشيء قبل أن أحصل عليه.

Dessert

تحية لـ«وحداوية» أميركا على استمرار الروح والإبداع وتناقلها بين الأجيال مع الثبات على المبادئ، وشكراً على الذكريات الجميلة.