خذ وخل: الكشاف الساير المضيء!

نشر في 30-01-2008
آخر تحديث 30-01-2008 | 00:00
 سليمان الفهد

إن برنامج «الكشاف» تأخر عن ميعاده جداً، لأن تراث وتاريخ كويت الأيام الخوالي يسكن ذاكرة الشباب والجيل المخضرم بس! ومن هنا تكمن أهمية رحلات «الكشاف» الساير في جغرافية الديرة وتاريخها وتراثها. ولا يفوتني أن أنوه بالاختيار الموفق للموسيقى التصويرية الكويتية المتناغمة مع هوية البرنامج.

الناس عادات وأمزجة شتى، ولهم فيما يعشقون مذاهب، فالعبد لله مثلاًـ لا يروق له مشاهدة التلفزيون مباشرة في الوقت المحدد لبرنامج ما. من هنا تجدني أعهد إلى أم البنين بتسجيل ما أود مشاهدته لاحقاً، في التوقيت الذي أختاره أنا، وليس حضرة التلفزيون! ومن هنا فاتني مشاهدة البرنامج التلفزيوني «الكشاف» ربما لأنه يبث من تلفزيون دولة الكويت وضواحيها، ذلك أني لا أشاهد منه سوى نشرة أخبار الوفيات! ومن هنا أيضاً لم أتمكن من تسجيله لسوء حظي، لاسيما أني حيثما حللت أسمع عنه كلاماً طيباً يطري فكرته ومضمونه وإعداده وموسيقاه التصويرية الخارجة من رحم التراث الغنائي الكويتي الثري المتنوع الجميل، سألت أحد «العارفين» عن مخرج البرنامج فقال بمشقة شديدة طافحة باليقين إنه مخرج أوروبي وثائقي يقال إنه يعمل في محطات «ديسكفري، وناشيونال جيوغرافيك، وهيستوري» مكرساً إبداعه في الإخراج لتاريخ وتراث الشعوب، قلت لنفسي وأنا أحاورها إنه مادام برنامج «الكشاف» من إنتاج مجموعة الساير العالمية، فلابأس عليهم من الاستعانة بمخرج إفرنجي... تمشياً مع مقولة «الإفرنجي برنجي» لاسيما أن بعض الكليبات الغنائية التي يسمعها المشاهد بعينيه لا بأذنيه كما هو مفروض يخرجها أجانب، البعض قال لي إن المخرج «soul» هو نجل معد ومقدم البرنامج، وإنه خريج إحدى الجامعات الأميركية، الشاهد أني بالمصادفة المحضة شاهدت أمس الأول الحلقة اليتيمة من البرنامج التي كانت مكرسة لمقاهي الكويت الشعبية التي كانت حاضرة في كويت بيوت الطين.

* حين أطل «الساير» بقامته السامقة وسمته الكامل الدسم صاح صديقي الروائي المصري «حمدي أبو جليل» قائلا: هيّه الكويت بقى فيها مصارعين؟! قلت له: هذه هي بليتنا - نحن معشر المثقفين المتفذلكين- فها أنت تنتقد البرنامج لأن مقدمه بدا في عينيك فتوة، متناسياً أن عالمنا اليوم في فضاء التلفزيون لم يعد يعتمد على مقدم البرنامج الوسيم الرشيق الأنيق ذي الشعر الناعم، وما إلى ذلك من صفات تحتفي بالشكل، ولا تحفل بعقل وثقافة وحضور المقدم! بصراحة العبد لله محتار في شأن هذا الفنان «الساير» والصعلوك المبدع الذي يفاجئنا كل حين، باقتحامه فضاء إبداعياً ظريفاً يتكئ فيه على شاعريته، وحبه المشبوب للكويت وأهلها وسكانها، الأمر الذي يدعوني إلى الشطح قليلاً، والافتراض بأن الساير وهو مولود رضيع كان يرضع الإبداع مع الحليب! ولاجدال في أنه فُطِم عن الحليب، لكنه مابرح يرضع الفنّ الجميل إلى ما شاء الله.

إن برنامج «الكشاف» توافرت له العناصر كافة المفضية إلى نجاحه... والمادة التراثية والتاريخية التي هي قوام البرنامج بإشراف الشاعر الأديب «الدرعمي» العريق الدكتور «يعقوب يوسف الغنيم» تشي بجدية البرنامج ورغبته في تقديم المعلومة الصحيحة الموثقة للمشاهد.

ولست في هذا السياق بصدد تدبيج «شهادة» فيه، لأن إبداعه الثر المتنوع المتواتر خير شاهد له، حسبه أنه أصدر مبحثه الرائد «كاظمة بين التاريخ والأدب» وهو شاب في الثامنة عشرة من عمره. وكل ما أتمناه على «أبي أوس» هو أن يطلّق الحكومة الرشيدة، وسوق الأوراق المالية؛ طلاقاً بائناً مهما كان إغراء الوزارة، وغواية سوق المناخ أو سوء المناخ لا فرق!

إن برنامج «الكشاف» تأخر عن ميعاده جداً، لأن تراث وتاريخ كويت الأيام الخوالي يسكن ذاكرة الشباب والجيل المخضرم بس! ومن هنا تكمن أهمية رحلات «الكشاف» الساير في جغرافية الديرة وتاريخها وتراثها.

ولا يفوتني أن أنوه بالاختيار الموفق للموسيقى التصويرية الكويتية المتناغمة مع هوية البرنامج وإيقاعاته المموسقة الطروب، خصوصاً للجيل المخضرم الذي يَخبر كويت بيوت الطين وما فيها من حراك وفعل وممارسات تستحق الرواية وتستأهل الإنصات والمشاهدة والمعرفة. وعَوْداً على بدء لأخينا الروائي البدوي الفيومي المصري «حمدي بوجليل» الذي شهد معي جل حلقات البرنامج المسجّل على «دي في دي» الذي قال: دي حاجة جميلة خالص. حبذا لو طلبت من صديقك «الساير» يحضر إلينا علّه يتلفز كتابي الصادر لتوه «القاهرة: شوارع وحكايات» لأنه - والحق يقال- أعجبني بجد رغم سمته المصارع! قلت له: أحسب أن «الساير» سيرحّب بالفكرة لكن المعضلة تكمن في المخرج الخواجة «سول» وأجده ذا الأرقام الفكلية؟! بلع ريقه ولسانه ولاذ بالصمت ولم يعقّب!

back to top