خذ وخل: الكتابة مداد المؤقت!

نشر في 31-10-2007
آخر تحديث 31-10-2007 | 00:00
 سليمان الفهد

أقترح على الجهات المختصة إنشاء جامعة الكويت في عرض البحر، وسط المياه الإقليمية، وأن يكون قوامها سفينة مدنية تستوعب كل منشآتها ومرافقها وعدتها وأدواتها وكل حاجاتها، ويستحسن أن نقطع «سلفا» دابر أي استجواب محتمل لوزير التعليم عام 2050، بتشييد جامعتين عوامتين... الأولى خاصة بالذكور، والأخرى مكرسة «للحريم»، ولا يضير الطلاب والطالبات أن يكون أحد شروط الالتحاق بالجامعة إجادة الغوص والسباحة على إيقاع «الهولو واليامال».

وأنا أتسكع في أرشيفي الصحفي المتخم بركام المقالات التي دبجتها طوال أربعة عقود متعاقبة، راعني أن هناك العديد من القضايا والمشاكل والتحديات مازلنا - نحن معشر الكتاب المخضرمين - نكتب فيها وعنها دون كلل ولا ملل! اللهم إلا إذا استثنينا ملل القارئ! فالحق أنه ممل جداً - لنا وللقارئ - أن نستمر نكتب طوال هذه العقود كلها في نفس القضايا، وعين الموضوعات، وذات المشاكل والمحن والتحديات! ونحن نفعل ذلك ليس بدافع اجترار أوراقنا القديمة، بل لأن القضايا ذاتها ما برحت «باركة» تراوح في مكانها، من دون فعل يفضي إلى حلها! ولا تحاول أن تكون غشيماً وتطرح السؤال لماذا يحدث ذلك؟... حسبك أن تهتف بملء فيك: هذه الكويت «صلي على النبي»! ومن ثم يحق لك أن تزعم أن مشكلاتنا الوطنية الحيوية كما الأمراض المزمنة العصية على العلاج الناجح! ولعلنا نجد بعض العزاء في مقولة الكاتب الأستاذ «مطاع صفدي» التي «يزعم» فيها (بان التقدم وحده الذي يتخلف، والتخلف وحده الذي يتقدم في الوطن العربي) ماذا نقول؟ الله يبشرك بالخير.

* خذ عندك مثلاً لحال هذي الكويت، صل على النبي، «معضلة» تخصيص موقع لجامعة الكويت، ومن ثم عمارة المبنى الحاضن لكلياتها ومرافقها جميعها، كما يحدث - بداهة - لكل الجامعات الكائنة في الكرة الأرضية. لكن جامعة دولة الكويت وضواحيها ليس لها من اسمها نصيب، فتراها متفرقة تكابد الشتات والتشرذم، رغم أنها جامعة! ولعلنا البلد الوحيد في العالم الذي يتحول فيه الموقت إلى دائم، ويصير هذا الأخير بدوره موقتاً! فلو تأملت وأمعنت النظر في عمارة المرافق العامة التي يفترض أن تكون حاضرة في البلاد طوال عمرها الافتراضي، لوجدتها تكابد التصدع والشروخ والشيخوخة وأمراضها بعد سنوات قليلة من إنشائها. حسبك مثالاً يدل على ما ذهبت إليه الطرق العادية والسريعة التي تشيد حيناً، ويعاد حفرها بعد حين آخر بمعاول تبريرية تثير غضب السكان، وتسر خاطر المقاولين وحدهم من دون غيرهم من المواطنين والمقيمين! ولا بأس على جامعة الكويت من أن تحتفل بمرور «اليوبيل الطيني» المعرض للتصدع في أي وقت.

* وكما ترى فإن إنشاء مباني الجامعة العتيدة بات الموضوع الأزلي الذي تناوله الكتاب الصحافيون كافة، رغم تباين أعمارهم المهنية والزمنية! وأحسب أن المرء بحاجة إلى خيال علمي غني بـ«الفانتازيا» ليتمكن من الحدس بالسنة التي سيتم فيها تشييد مباني الجامعة!

هذا إذا كان ثمة أراضٍ باقية في مساحة البلد تستوعب إنشاء مرافقها العديدة المختلفة! وربما تضطر وزارة التعليم العالي إلى شراء قطعة من الدول المجاورة الشقيقة، محاذية لحدود الكويت يتم الدخول إليها بـ «فيزا»، ويتم التخرج فيها بشهادة «لا إله إلا الله»! لأن جُل حدودنا مزنرة بالموت والعنف والاستشهاد المجاني!

من هنا: أقترح على الجهات المختصة إنشاء الجامعة في عرض البحر، وسط المياه الإقليمية، يكون قوامها سفينة مدنية تستوعب كل منشآتها ومرافقها وعدتها وأدواتها وكل حاجاتها، ودرءاً لأي استجواب قادم بشأن الجامعة العوامة قد يفاجئ وزير التعليم العالي القادم عام 2050، يستحسن أن نقطع دابر هذا الاستجواب «سلفاً» بتشييد جامعتين عوامتين... الأولى خاصة بالذكور، والأخرى مكرسة «للحريم»، ولا يضير الطلاب والطالبات أن يكون أحد شروط الالتحاق بالجامعة إجادة الغوص والسباحة على ايقاع «الهولو واليامال»، من ثم يزف الخريج المحتفى بنجاحه بإيقاع «النهمة» المموسق بالشجن.

*وأحسب أن أحد أماني العم «أبو أسامة... الأستاذ خالد المسعود»، رحمه الله، التي كان يتطلع إلى حضورها في حياته، تكمن في زيارته لمبنى الجامعة المستقل الجديد، التي أنشئت أثناء ولايته لوزارة التربية في مطلع السبعينيات! وقد توفي الأسامة، رحمه الله، من دون أن تتحقق أمنيته! وفي هذا السياق أذكر أن بعض الذين لا يعجبهم عجباً، يظنون أن الوزير قد تعجل في إنشاء الجامعة، بدعوى عدم وجود المبنى الخاص الذي يحتضن الجامعة، لكنه اختار وجود الجامعة وحضورها في مبانٍ مؤقتة، ومن ثم يتم تشييد المبنى الخاص بها في غضون السنوات القلية القادمة، لكن الجامعة ظلت «على طمام المرحوم» إلى ما شاء الله!

back to top