ظهرت في أواخر القرن الثاني الهجري حركة «الحزمية» بقيادة شخص يدعى «بابك الخرمي» وكانت حركة تدعو إلى الرذائل والإباحية الجنسية، وانضم إليها عدد كبير من الزنادقة والفساق وكوَّنوا جيشاً تعداده نحو عشرين ألف مقاتل، شغلت هذه الحركة الخلافة العباسية وقتا طويلا حتى جاءت خلافة المعتصم، فجعل من أولى مهامه القضاء على هذه الحكرة، حيث أرسل جيشاً بقيادة «الدفشين» واستطاع أسر زعيم الحركة «بابك الخرمي»، وإحضاره إلى الخليفة «المعتصم» الذي أمر بقطع رأسه. وكان «بابك الخرمي» عندما اشتد الحصار عليه اتصل بامبراطور الروم يدعوه إلى غزو بلاد المسلمين وانتهاز انشغال جيش المسلمين بحصاره وقيام الروم بفتح جبهة قتال أخرى، وكان الهدف من ذلك هو تخفيف عبء الحصار عنه.
أعجبت الفكرة امبراطور الروم فتوجه بجيش قوامه مئة ألف مقاتل وهاجم مدينة «زبطرة» فقتل فيها الشباب وسبى النساء وذبح الأطفال ومثَّل بمَن وقع تحت يده من المسلمين فسمل أعينهم وقطع أنوفهم، ثم أغار على «ملطية» ففعل بها وبأهلها مثلما فعل بـ «زبطرة».حينما بلغ المعتصم الخبر هاله ما حدث، فجهز جيشاً عظيماً لم يجهز مثله أحد قبله، ثم سأل: أي بلاد الروم أمنع وأحصن فقيل «عمورية»، لم يعرض لها أحد من المسلمين وهى أشرف مدن القسطنطينية، فأمر بالسير إليها حتى وصل المعتصم بالجيش إلى نهر «اللامس» وهو الحد الفاصل بين الخلافة العباسية والدولة البيزنطية، وهناك قسم المعتصم جيشه إلى فرقتين، الأولى بقيادة الأفشين والتي توجهت إلى أنقرة، والثانية كان هو على رأسها، وبعد أن ألحق الأفشين هزيمة ساحقة بالروم عند مدينة «دزمون» تقابلت الفرقتان ثم توجهوا بقيادة المعتصم إلى «عمورية» فوصلوا إليها صبيحة الجمعة السادس من شهر رمضان سنة 223 هجرية وحاصروها، وكانت هنا رسالة من ملك الروم إلى المعتصم يدعوه إلى الصلح ويعتذر له عما فعله بـ «زبطرة» لكن المعتصم رفض الرسالة وأصر على فتح «عمورية»، وضرب جيش المسلمين سور المدينة بالمجانيق وقصفوها قصفاً متواصلاً حتى تهدم السور ودخل المسلمون المدينة مكبرين رافعين رايات النصر في السابع عشر من شهر رمضان سنة 223 هجرية بعد أن استسلم قائدها «ياطس» ثم انصرف المعتصم راجعاً إلى «طرسوس» منتصراً ظافراً بعد أن أعاد إلى دولة الإسلام هيبتها، ولبى نداء الحرائر من المسلمات.
توابل
فتح عمورية
12-10-2007