وجهة نظر : هل البيت الأبيض قلق حقاً من ارتفاع أسعار النفط؟
لا أعتقد شخصياً أن إدارة الرئيس بوش قلقة بصورة جدية من المستويات التي بلغتها أسعار النفط الخام في الوقت الحاضر، ولا يمكن النظر إلى دعوة الرئيس الأميركي للمملكة العربية السعودية خلال زيارته لها الى البحث عن سبل للتخفيف من حدة الارتفاع في سعر النفط، بأكثر من كونها إرضاء صقور الكونغرس الذين يتهمون البيت الأبيض بعدم الاكتراث بما يعانيه المستهلك الأميركي من أعباء معيشية نتيجة للارتفاع في أسعار الوقود.إن ما قاله بوش عن الأثر السلبي، الذي يترتب على المتاعب التي ستلحق باقتصاد الولايات المتحدة نتيجة لهذه الأسعار المرتفعة، واسقاطات ذلك على مستويات الطلب التي ستضعف نتيجة لذلك، هو قول صحيح وواقعي، ولكن ما هو صحيح وواقعي هو أن الإدارة الأميركية تملك أوراقا كثيرة، يمكنها من خلال اللجوء إليها التخفيف من معدلات الارتفاع في الأسعار.
فالولايات المتحدة تملك أكبر مخزون طوارئ استراتيجي من النفط على مستوى العالم، ويملك الرئيس الأميركي صلاحية استخدام هذا المخزون في حال نقص المعروض من النفط، كما تملك الادارة الاميركية القدرة على توفير حزمة من الحوافز لشركات النفط الأميركية من اجل تشجيعها على الاستثمار في بناء المصافي، وذلك للحد من نقص طاقة التكرير المحلي، والتي باتت، خلافا لما هو متوقع، تؤثر في سعر النفط الخام ذاته، بسبب تفسير المراقبين غير الواقعي لشح الإمدادات من المنتجات المكررة، بوصفه انعكاسا لشح في امدادات النفط الخام. كما تملك إدارة الرئيس بوش ادوات مالية ونقدية فعالة يمكن إن لجأت اليها ان تقلل من معدلات استخدام المنتجات النفطية، خصوصا خارج قطاع النقل والمواصلات، حيث تتوافر عدة بدائل للنفط.كذلك تملك الادارة الاميركية القدرة على الحد من تراجع سعر صرف الدولار الأميركي، وهو عملة سداد قيمة صفقات النفط الخام ولكنها لا تبدو معنية بذلك، خصوصا أن لهذا التراجع في قيمة الورقة الخضراء آثارا موجبة على اقتصادها.بل وتملك هذه الادارة أدوات سياسية ودبلوماسية متميزة وعابرة للقارات، يمكن لها أن تخفف من حدة النزاعات والتوترات الدولية التي تمثل رافداً أساسيا من روافد القلق العالمي، ومعه الارتفاع في سعر النفط الخام.