زفَّ الرئيس محمود أحمدي نجاد، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، البشرى إلى هذه المنطقة بأن صيفها، هذا الصيف، سيكون حاراً، وهو قال، خلال اجتماعه في العاصمة السورية بالشيخ حسن نصر الله أمين عام حزب الله، وبقادة «حماس» وعلى رأسهم خالد مشعل، وقادة حـــركة «الجهاد الإسلامي» وعلى رأسهم رمضان شلَّح، أن الانتصارات تتوالى على حلفاء «فسطاط الممانعة» وأن الأيام المقبلة ستشهد انتصارات جديدة.

Ad

ولم يقل الرئيس نجاد أي جبهة في هذه المنطقة هي التي سيكون صيفها المقبل حاراً، هل هي جبهة لبنان أم جبهة فلسطين بشطريها، الضفة الغربية وقطاع غزة، أم جبهة الجولان المحتل أم جبهة الخليج، على أساس أن اندلاع حرب طاحنة بين إيران والولايات المتحدة بات متوقعاً في أي لحظة؟!

هناك دلائل كثيرة تشير إلى أن خــريف لبنان هو الذي سيكون حاراً فالاستحقاقات الكبيرة، كما هو واضح، مؤجلة حتى نهايات هذا الصيف، وهناك دلائل كثيرة تشير إلى أن ما بين غزة والضفة الغربية من انقسام وتباعد سياسي، بالإضافة إلى التباعد الجغرافي، لن يطرأ عليه أي جديد خلال الشهرين المقبلين، وأن دولة غزة ستبقى دولة غزة، ودولة الضفة الغربية ستبقى دولة الضفة الغربية، وأن إصلاح ما أفسده انقلاب «حماس» العسكري يحتاج إلى تفوق طرف على الطرف الآخر بصورة حاسمة ويحتاج إلى معادلة إقليمية غير هذه المعادلة، وهو يحتاج أيضاً الى أن تتخلى إسرائيل عن سياساتها الحالية وتنسجم مع مساعي العودة الفعلية والجادة الى طريق العملية السلمية.

إذنْ، هل أن الصيف الحار الذي تحدث عنه محمود أحمدي نجاد سيكون في هضبة الجولان السورية المحتلة، أم إنه سيكون في الخليج الذي يصر الرئيس الإيراني على أنه «فارسي» مع أنه غير ذلك والذي وصلت إليه تباعاً ثلاث من أكبر البوارج الحربية الأميركية؟!

التحليل المنطقي يقول إن جبهة الجولان ستبقى تغط في نومها العميق الذي مضى عليه حتى الآن، بعد آخر طلقة أُطلقت هناك، أكثر من ثلاثين عاماً. فالإسرائيليون لا يرون أن هناك أي مبرر لتسخين هذه الجبهة المريحة ولا أي مبرر لأي حرب جديدة مع سورية... والسوريون، رغم تلويحهم باللجوء إلى المقاومة في شهر سبتمبر المقبل، على طريقة حزب الله وحركة «حماس»، لتحرير أرضهم المحتلة، إلا أن أغلب الظن أنهم لن يقدموا على هكذا خطوة لأنهم يعرفون أنهم إن هم أقدموا عليها فإنها ستكون مكلفة جداً وسيكون الدمار الذي لحق بلبنان، خلال حرب الصيف الماضي، مقارنة بما سيلحق ببلدهم، إن هي اختارت هذا الخيار، مجرد مزحة صغيرة.

لقد تحدثت بعض المعلومات التي تسربت عن اللقاء الأخير بين بشار الأسد وبين محمود أحمدي نجاد، خلال زيارة الرئيس الإيراني الأخيرة إلى دمشق، عن أن الرئيس السوري تعهد لضيفه بعدم الانخراط في عملية السلام مع إسرائيل، لكن ومع ذلك وحتى وإن كانت هذه المعلومات صحيحة فإن ما يجب استبعاده هو ذهاب سورية إلى مغامرة ستكون مكلفة جداً، وهذا يعني أنه يجب استثناء هضبة الجولان من بشرى أن هذا الصيف سيكون صيفاً حاراً!

ولذلك فإنه لم يبق إلا جبهة الخليج التي تنتظر مواجهة إيرانية – أميركية، فالعراق مهما ارتفعت درجة حرارة صيفه فإنها ستبقى في إطار درجة الحرارة الحالية، وهنا، وإذا صحَّ هذا التقدير، فإنه ستكون لـ «حزب الله» الذي بلغت حصته من «المال الحلال»!! نصف مليار دولار سنوياً، ولحــركة «حماس» التي بلغت حصتها من هذا المال ثلاثمئة وأربعين مليون دولار، وحركة «الجهاد الإسلامي» التي بلغت حصتها تسعين مليون دولار فقط ... وسنوياً أيضاً، مهمات جهادية خارج الأراضي اللبنانية وخارج الأراضي الفلسطينية... وهكذا فإن الصيف الحار مقبل وعلينا أن ننتظره!!

 

كاتب وسياسي أردني