أنا والخرافي... والشيخ ناصر!

نشر في 07-11-2007
آخر تحديث 07-11-2007 | 00:00
 سعد العجمي

تجربتنا الديموقراطية باتت أكثر نضجاً لدرجة أن تباين وجهات نظر رئيس الحكومة ورئيس المجلس واختلافها خرجت من الغرف المغلقة إلى الواجهة والرأي العام بكل حرية وشفافية، لكن الأهم بكل تأكيد، هو أن يثبت الرئيسان في المستقبل أن ما حدث بينهما كان «مصارحة» تبعتها «مصالحة» وليس هدنة مؤقتة.

ما إن أشار المخرج محمد المطيري لإبلاغي بأن الوقت المسموح به للمقابلة يوشك على الانتهاء، وأن عليّ أن اختم اللقاء، وبمجرد أن نزعت «الميكرفون» المثبت على ثوبي، إلا وأدركت أن السيد جاسم الخرافي قد قال لي في مقابلة «العربية»، التي أجريتها معه، ما لم يقله لأحد من قبل تصريحاً ولا تلميحاً، في ما يخص علاقة رئيسي السلطتين على الأقل، وأن ما قاله سيُحدث جدلاً لم أدرك لحظتها المدى الذي سيصل إليه، لكنني شعرت أن شيئاً ما سيحدث.

في البداية، أريد أن أؤكد أمرا مهما، وهو أنه منذ بُثت المقابلة، لم ألتقِ بوزير أو نائب أو صحافي إلا وسألني سؤالين، هل الخرافي هو من طلب إجراء المقابلة؟ وهنا لا بد من الإشارة، ومن باب المصداقية والمهنية، إلى أنني من طلب إجراء الحوار وليس الخرافي، ثم يأتي السؤال الثاني، هل اطلع الخرافي على الأسئلة قبل إجراء الحديث؟ أؤكد أيضا أنه لم يطلع على أي سؤال من الأسئلة التي سألته إياها، بل أرفض في الأساس إجراء حوار مع أي ضيف كان، يطلب مني الأسئلة مسبقاً، وأولهم الخرافي سبق أن أجريت معه مقابلتين سابقتين خلال أربع سنوات إحداهما لقناة أبوظبي والأخرى لـ«العربية» ولم أطلعه على أي سؤال.

على كل فإن عامل الحظ والتوقيت أحيانا، قد يساعد الصحافي في الحصول على ما لم يستطع غيره الحصول عليه، كما أن الحالة النفسية والمزاجية للضيف لحظتها، تدفع باتجاه سلاسة وسهولة الحصول على المعلومة منه والعكس صحيح، اضافة الى مهنية وجدية المحاور وفهمه للموضوع مثار الحديث مع الضيف، وهو التفسير الوحيد الذي أجده مبرراً منطقياً لأن يقول الخرافي في عشرين دقيقة مع «العربية» ما لم يقله في ساعة ونصف الساعة كاملة مع تلفزيون «الوطن» قبلها بليلة.

لست أدري هل استفزت أسئلتي وقتها «ابو عبد المحسن»، أم أن الأمور جاءت هكذا!، لكن الأكبر مني قدراً وسناً من الزملاء الصحافيين والأخوة الكتاب والسياسيين وعلى رأسهم الأخ أحمد الديين، يقولون إن ما أحدثته المقابلة من جدل جعل رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد يرد على ما جاء فيها، وينتقد الخرافي، سُجل كسابقة تاريخية كويتية، بأن يختلف رئيس السلطة التنفيذية مع رئيس السلطة التشريعية خلافاً بهذا الحجم وبهذه الدرجة من الوضوح.

حقيقة لم أكن أتمنى أن أكون سبباً مباشراً أوغير مباشر في خلق مثل هذه الحالة، وهو شعور انتابني في البداية، ولكن في المقابل ولأن الخلاف بقي في إطاره السياسي فقط لا الشخصي، فقد زال ذلك الشعور سريعاً، بعد أن اتضح لي أن تجربتنا الديموقراطية باتت أكثر نضجاً لدرجة أن تباين وجهات نظر رئيس الحكومة ورئيس المجلس واختلافها خرجت من الغرف المغلقة إلى الواجهة والرأي العام بكل حرية وشفافية، لكن الأهم بكل تأكيد، هو أن يثبت الرئيسان في المستقبل أن ماحدث بينهما كان «مصارحة» تبعتها «مصالحة» وليس هدنة مؤقتة.

* * *

حملة رفض تدوير وزير النفط بدر الحميضي، التي قادها التكتل الشعبي وبورمية وزادها قوة بيان «التحالف الوطني» الأخير، على اعتبار أن ما حدث كان التفافاً على روح الدستور قبل نصوصه، أفضت إلى استقالة الوزير الذي نُكِن له كل تقدير واحترام، وبالتالي تحقق هدفين مهمين؛ أولهما، أن ما جرى رسّخ قناعة في عقول الشعب والنواب والسلطة مفادها أن الدستور خط أحمر لا يمكن لأحد الاقتراب منه، وثانيهما، أن استقالة الحميضي بعد الجدل الدائر شطبت سابقة تدوير الشيخ سعود الناصر للأبد التي استخدمها بعض النواب للأسف «كمسمار جحا»، ومن ثم فإن عرفاً دستورياً جديداً يقوم على منع تدوير أي وزير مستجوب قد ترسخ، على أن الذي لايقل أهمية عن هذا كله، هو أن يرد نواب «الشعبي» والنواب الثلاثة لـ«التحالف الوطني»، التحية للشيخ ناصر بأفضل منها... وأن يقفوا معه في المرحلة المقبلة التي يتوقع أن تشتد فيها الحملة عليه داخل المجلس وخارجه.

back to top