Ad

بات لزاماً على مجلس حقوق الإنسان، أن يسارع إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين العزل في غزة، وأن يتسع التفويض الممنوح للجنة التحقيق تلك لكي يغطي الجرائم الأخرى كافة.

حالة العجز التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية غير مسبوقة. فما يحدث في غزة التي تتعرض للحصار والتجويع والعقاب الجماعي يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، بل ويمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة، وهي الاتفاقية التي وقع وصادق عليها مجمل دول العالم، ولا يبدو أن الأطراف المنضمة إليها قد تحملوا مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه الجرائم التي يتعرض لها السكان المدنيون في غزة.

فقوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل عملياتها العسكرية من دون توقف مما أدى إلى مقتل أكثر من 30 قتيلاً خلال أيام مما رفع عدد القتلى إلى أكثر من 60 قتيلاً خلال شهر يناير فقط. وإضافة إلى ذلك فقد قطعت قوات الاحتلال شحنات الوقود الضرورية لتشغيل مولدات الكهرباء وتحولت على إثرها غزة إلى مدينة لا ماء ولا نور فيها، وانسحب الأمر على المستشفيات التي توقفت عن عملها المعتاد ولم تعد قادرة على إجراء العمليات الجراحية، وأدى ذلك إلى وفاة 55 مريضاً على الأقل بسبب الحصار المفروض، إضافة إلى ذلك فقد توقف العمل في العديد من المؤسسات والهيئات والمتاجر ذات الطبيعة الغذائية كالمخابز وغيرها.

ومهما كانت المبررات التي يسوقها الاحتلال الإسرائيلي من أن تلك الإجراءات إنما جاءت لحماية المدنيين الإسرائيليين من الصواريخ التي تطلق من غزة على مستوطنة «سديروت» فإنها لا يمكن أن تكون مقبولة على نمط العقاب الجماعي وحملة التجويع والحصار الذي تفرضه القوات الإسرائيلية.

إن الحاجة أصبحت ماسة لكي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية، سواء استناداً إلى مبادئ ونصوص القانون الدولي الإنساني أم عبر التزام مجلس الأمن بمفاهيم حماية السلم والأمن الدوليين، ومن المؤسف أن المجلس قد عجز حتى الآن عن اتخاذ موقف مبدئي تجاه هذه القضية في ظل موقف مساند لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة.

كذلك فإنه بات لزاماً على مجلس حقوق الإنسان، الذي يفترض أنه جاء إلى الوجود عام 2006 للتخفيف من وطأة التسييس في حقوق الإنسان، أن يسارع إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين العزل، وأن يتسع التفويض الممنوح للجنة التحقيق تلك لكي يغطي الجرائم الأخرى كافة.

كذلك فإن على الاتحاد الأوروبي أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والإنسانية من خلال تفعيل المادة الثانية من اتفاقية الشراكة الإسرائيلية- الأوروبية التي تربط استمرار التعاون الاقتصادي بين الطرفين بضمان احترام إسرائيل لمعايير حقوق الإنسان، وأن يعيد النظر، على الأقل، في مقاطعة السلع والبضائع الإسرائيلية التي تنتجها المستوطنات الاسرائيلية التي يشكل بقاؤها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة خرقاً سافراً لقواعد القانون الدولي الإنساني، كما أشار إلى ذلك مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.

ومما يؤسف له أننا حين نطالب وندعو المجتمع الدولي لفعل شيء ما ونثمن التحرك الذي قامت وتقوم به منظمات المجتمع المدني الدولية غير الحكومية التي يفترض أنها من غير ملتنا، فإننا لم نطالب حكوماتنا وهيئاتنا ومجتمعنا المدني بشيء؛ فهي إن فعلت شيئاً فلن يكون أكثر من إصدار بيان هنا أو تجمع هناك رفعاً للعتب ليس إلا، مجتمعات تستمتع الذل، وتفرح بالقهر، وتستغذب التخلف، ولا حول ولا قوة إلا بالله.