Ad

لا شك أن قمة الدوحة جاءت بمقوّمات ومعطيات ورؤى ذات ركائز، وصفها المراقبون على الصعيدين الإقليمي والعالمي بأنها من أنجح القمم، لخلقها حالة من الهدوء السياسي من جهة وتفعيلها الدور الاقتصادي من جهة أخرى.

احتلت القمة الخليجية الثامنة والعشرون، التي عقدت الأسبوع الماضي في الدوحة، الصدارة على مواقع الإنترنت الإخبارية، حيث تسابقت شتى المنتديات بطرح أسئلة حول التكهّن بنتائج القمة، واستقصاء الآراء حول حضور الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لها، وخرج زوار قطر الذين تابعوا الحدث أيضاً، بانطباعات متعددة... فالبعض اهتمّ بالتحوّلات القطرية الإيجابية التي أعادت العلاقات الأخوية بينها و بين المملكة العربية السعودية، والفضل لعودة المياه إلى مجاريها في هذه المناسبة يرجع إلى أطراف بارزة من أركان القيادة القطرية والسعودية معاً، وبوساطة كويتية أيضاً، والبعض الآخر اهتمّ بحضور الرئيس نجاد ومشاريعه التعاونية، ولم يغب مشروع قيام السوق المشتركة عن الاهتمام، ومن خلال اهتمام الصحافة الإلكترونية بالقمة، كان للصحف الإماراتية النصيب الأكبر في استقصاء الرأي العام، فصحيفة «البيان» طرحت سؤالاً حول شعور القرّاء تجاه دعوة الرئيس الإيراني نجاد إلى القمة الخليجية وكانت النتيجة كالتالي:

- %18.9 من المشاركين اعتبر حضور نجاد، رسالة سلام، أميركية باتجاه إيران عبر دول الخليج، و 51،%46 من المشاركين اعتقد أن حضور نجاد رسالة خليجية إلى أميركا برفض منطق الحرب، و%29،6 منهم اعتبر مشاركة نجاد رسالة سلام خليجية باتجاه إيران.

أما صحيفة «الاتحاد» الإماراتية فقد وجّهت سؤالاً حول دخول إيران على خط القمة الـ28 لدول التعاون... وكانت النتيجة كالآتي:

- %42 من القرّاء يعتقد أن النتيجة هي تخفيف الضغوط الدولية على إيران، و%39 يعتقد أن النتيجة هي الوصول إلى صيغة للتعاون المشترك، و%18 يعتقد أن المشاركة تعني انفراجه قريبة في قضية الجزر الإماراتية.

ولا شك أن قمة الدوحة جاءت بمقوّمات ومعطيات ورؤى ذات ركائز، وصفها المراقبون على الصعيدين الإقليمي والعالمي أنها من أنجح القمم، لخلقها حالة من الهدوء السياسي من جهة وتفعيلها للدور الاقتصادي من جهة أخرى، تماشياً مع ما طرحه الأمير حمد بن خليفة آل ثاني في خطابه الافتتاحي، مسلّطاً الأضواء على الأمن والتنمية، كوجهين لعملة واحدة، أما بخصوص إنشاء السوق الاقتصادية الخليجية المشتركة، فمن الجدير بالذكر تتبع الموضوع تاريخياً... فمنذ عام 1984 وخلال احتضان الكويت قمة دول مجلس التعاون، أبدى المجلس اهتمامه بالخطوات التي تمت لتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، وتقرر إعطاء الأولوية للمنتجات الوطنية آنذاك، تبعها تفويض المجلس الوزاري بإقرار استراتيجية التنمية والتكامل لدول المجلس، وأما الخطوة التالية فتمت عن طريق إعلان الدوحة في عام 2002، إذ بارك المجلس الأعلى من خلال البيان الختامي قيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس اعتباراً من أول يناير عام 2003، ودعا إلى تسهيل انسياب حركة السلع بين دول المجلس، وزيادة حجم التجارة البينية وتوسيع قائمة الإعفاءات الجمركية، وأما السوق الخليجية المشتركة التي أعلنتها الدوحة هذا العام، فتعتبر أكثر شمولية من الاتحاد الجمركي، وتعني تحرير تجارة الخدمات والاستثمار وتسهيل حركة عوامل الإنتاج ورأس المال، والعمالة والإدارة، وهو ما تعنيه المواطنة الاقتصادية، تطبيقاً لديباجة الاتفاقية الاقتصادية للمجلس، التي تتضمّن التنسيق في التنقل والإقامة، والتأمين الاجتماعي والتقاعد والأنشطة الاستثمارية والخدمية، وتملك العقار والمعاملة الضريبية... وأخيراً نتساءل: هل سيحقق المجلس من خلال تفعيل السوق الخليجية هذا العام تطلّعات مواطني دول الخليج وآمالهم في الوصول إلى «المواطنة الاقتصادية» المنشودة في ظل المزاج التعاوني الخليجي هذا العام؟

سنجيب عن هذا التساؤل في القمة القادمة بإذن الله... في سلطنة عمان.