Ad

أعترف وبكل تجرّد من العاطفة أنني لست راضياً عن أداء كتلة «الشعبي» في الآونة الأخيرة، لكن ذلك لا يخلق المبرر لهذا الهجوم القاسي من قبل بعض الكتّاب والسياسيين عليها، فلا ينكر فضل «حشد» في تطوير مفهوم العمل السياسي البرلماني إلا جاحد، و لا يغفل دورها في غرس مفهوم الوحدة الوطنية إلّا رجل لا يرى أبعد من أرنبة أنفه.

الاختلاف في وجهات النظر الحاصل بين نواب كتلة العمل الشعبي حول طرح الثقة عن وزيرة التربية نورية الصبيح ليس الأول من نوعه، فقد سبق لنواب الكتلة أن اختلفت قناعاتهم في حالة الوزير السابق محمد ضيف الله شرار، وبالتالي يجب ألا تُحمّل الأمور أكثر مما تحتمل، لكن الناجحين والمميزين هم دائماً من يدفعون ثمن النجاح والتميز، خصوصاً إذا كان خصومهم السياسيون من النوع الذي يَفْجُر في خصومته.

لذا فإن الهجوم الذي يتعرض إليه نواب «حشد» والمغلّف بالأخبار الكاذبة والمدسوسة على الكتلة من قبل جماعات «الردح السياسي» خلال اليومين الماضيين يعكس ما يمثله «الشعبي» من إزعاج للبعض، لدرجة أن تلك الجماعات أطلقت كذبة انقسام الكتلة فصدّقتها وأخذت تتغنّى بها، حتى أنها توشك أن تجعل الثامن من يناير من كل عام عيداً لها ولأتباعها ومرتزقتها، تشرب فيه «نخب» انقسام «الشعبي».

هناك اختلاف في وجهات النظر؟ نعم. هناك سوء تقدير لبعض المواقف؟ نعم. هناك تباين في قراءة بعض الأحداث؟ نعم. هناك خلاف؟ لا... إلّا في عقول وأمنيات وآمال جماعات الردح تلك، فالأمر بمنتهى البساطة أن بعض نواب الكتلة يعتقد أن ما جاء في ملف استجواب الصبيح يستحق المساءلة لكنه لا يرقى إلى درجة حجب الثقة، والبعض الآخر يرى عكس ذلك، كل حسب فهمه وقناعته، وهذا الاختلاف ليس نهاية الدنيا ولا آخر المطاف، نعم قد يكون عدم التصوت كبلوك واحد ضربة مؤلمة لأنصار «حشد» لكنها ليست قاتلة، وقديماً قالوا «الضربة التي لا تكسر ظهرك تقويك».

أعترف وبكل تجرّد من العاطفة أنني لست راضياً عن أداء الكتلة في الآونة الأخيرة، وأدرك أن غياب الفارس وليد الجري قد أثّر في تماسكها، لكن ذلك لا يخلق المبرر لهذا الهجوم القاسي من قبل بعض الكتّاب والسياسيين على «الشعبي» والذين كنت أعتقد أنهم أذكى من الانجرار وراء دعوات وإشاعات الآلة الإعلامية لمؤسسة الفساد غير المستغربة، باعتبار نواب الكتلة هم العدو التقليدي لسراق المال العام، حتى أن تلك الأذرع الإعلامية بات تصور للناس أنه إذا ما سقطت عمارة قيد الإنشاء في السالمية، فالسبب أحمد السعدون، وإذا خسرت هيئة الاستثمار في صفقة ما فالسبب أسئلة مسلم البراك.

ياسادة ياكرام، لا ينكر فضل «حشد» في تطوير مفهوم العمل السياسي البرلماني إلا جاحد، و لا يغفل دورها في غرس مفهوم الوحدة الوطنية إلّا رجل لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، فهي تجمع الحضري مع البدوي والسني إلى جانب الشعي، أما جهودها في قضايا المصلحة الوطنية وتفعيل القانون فهي تحتاج إلى أكثر من مقال.

على كلٍّ فليردح الرادحون وليتشفَّ من في نفوسهم مرض إلى حين، فقد يختلف «الشعبي» في التصويت على طرح الثقة عن الوزيرة نورية الصبيح، وهو ما سيفرحهم ويجعلهم يهللون ويطبلون، لكن الشعبي سيظل صوتاً واحداً دائما وأبداً، في ما يتعلق بقضايا حماية الدستور والدفاع عن المال العام، وهي الشوكة التي ستبقى في حناجر جماعات الردح لوقفها عن العزف بأبواقها المستأجرة.