ها هو حسين الحريتي... فماذا أنتم فاعلون؟

نشر في 30-04-2008
آخر تحديث 30-04-2008 | 00:00
 سعد العجمي

يحاول الحريتي أن يخلق واقعاً جديداً لـ«نائب الأمة» بمفهومه الحقيقي الذي حرص عليه في الأصل المشرع الدستوري بعيداً عن الفرز القبلي والطائفي. قد تكون مغامرة، وقد تكون تضحية، سمها ما شئت، لكنها ستجبرنا وتشجعنا على أن نشحذ الهمم خلفه للبرهنة على أن صوت الوطن أعلى من صوت القبيلة والطائفة والفئة.

الجميع يتذكر استجواب وزيرة التربية نورية الصبيح وما أفضى إليه من طلب طرح الثقة فيها والتصويت على ذلك، وهو الاستجواب الذي تنامى خلاله الحديث عن فرز مناطقي وفئوي بين المؤيدين والمعارضين للوزيرة. وفي جلسة حجب الثقة سجل النائب السابق حسين الحريتي موقفاً شجاعاً أثبت خلاله أن العقل، لا العاطفة، هو الذي يحكم قناعاته، بل إن تصويته لصالح الوزيرة أسقط تهمة «الشخصنة والفئوية» عن الاستجواب، على اعتبار أن الحريتي والنائب المستجوب سعد الشريع ينتميان إلى قبيلة واحدة.

أذكر أنني بعد الجلسة كتبت مقالاً تحت عنوان «قفوا لحسين الحريتي... احتراماً» كون الرجل قد وقف موقفاً وطنياً، أضره انتخابياً، بسبب إرث اجتماعي قبلي متراكم، لا يعرف ثقله إلا مَن وقع تحت طائلته، لكنه في المقابل كان صادقاً مع نفسه ومنسجماً مع قناعاته. واليوم أجد نفسي ملزماً بالعودة للكتابة عن حسين الحريتي و«سوابقه» التقدمية الوطنية، بعد أن فضل عدم خوض الانتخابات الفرعية أو التشاورية التي أجرتها قبيلة العوازم في الدائرة الأولى، وقرر الترشح كممثل لأبناء الدائرة كافة بأطيافها وشرائحها ومكوناتها كلها، بما فيها قبيلته.

إذا صحت معلوماتي، فإن عدد العوزام يبلغ في الدائرة حوالي أربعة آلاف صوت «رجالي»، ألف ومئتين منهم تقريباً من فخذ (الشقفة) الذي ينتمي إليه النائب الحريتي، وبلغة الأرقام ، وقبل ذلك لغة القبول حسب ما سمعت من أبناء القبيلة هناك، فإن نجاح الحريتي في التشاورية كان شبه مضمون، لكنه فضّل أن يكون وصوله إلى قاعة عبدالله السالم، إن تم، عبر ثقة وتشريف أبناء قبيلته وأهل الدائرة جميعاً، حضراً وبدواً، سنة وشيعة، فالنائب أولاً وأخيراً هو ممثل للأمة بكاملها.

عزيزي حسين الحريتي، وحدهم الأبطال يختارون الطريق الصعب، حتى يكون لفوزهم معنى وقيمة، وحدهم الرجال يفعلون ما فعلت، وحدهم الساسة الأفذاذ يقدمون عندما يهاب الآخرون، أخاطبك وأنا ابن جلدتك، الذي يدرك الكلفة الباهظة اجتماعياً- على الأقل- عندما توضع القبيلة ثانياً، والوطن أولاً في ترتيب الولاءات والمصالح، فما بالك بمَن قد يدفع ثمن موقفه على مرتين، اجتماعياً وسياسياً كحسين الحريتي.

عزيزي حسين، في ظل مرحلة فرز مقيتة تمر بها الكويت يتم فيها التخندق خلف القبيلة والطائفة والفئة، ويزداد سعيرها ولهيبها ورائحتها الكريهة مع كل عملية انتخابية، نجد شخصاً فاضلاً مثلك يحاول أن يخلق واقعاً جديداً لـ«نائب الأمة» بمفهومه الحقيقي الذي حرص عليه في الأصل المشرع الدستوري، قد تكون مغامرة وقد تكون تضحية، سمها ما شئت، لكنها ستجبرنا وتشجعنا على أن نشحذ همم أهل دائرتك جميعاً للتصويت لرجل قال أنا لكم جميعاً فانتخبوني، ليبرهنوا على أن صوت الوطن أعلى من صوت القبيلة والطائفة والفئة.

هاهو الحريتي، يا شرفاء وأهالي وناخبي الدائرة الأولى يمنحكم ويمنحنا الفرصة، لنثبت أن الكويت للجميع وقبل الجميع وستظل باقية بعد الجميع... فماذا أنتم فاعلون يوم السابع عشر من مايو؟

back to top