أتمنى قبل إغراق الصحف بالمزيد من الأسئلة البرلمانية، أن يقوم النواب أنفسهم بحملة ترشيد لأسئلتهم العشوائية، فامتعاض المواطن من العنف البرلماني اللفظي وصل إلى حد الذروة.كيف يمكننا المساهمة في القيام بدور، ولو بسيط، للحفاظ على موارد الطاقة؟ خصوصاً أننا حسب علم الجغرافيا، نقع ضمن المناطق ذات المناخ الجاف، وحسب مفاهيم العلوم السلوكية، نقع في خانة «عدم» استيعاب مفاهيم «الترشيد» والاستخدام المقنن للمياه والكهرباء.
وأقول ذلك بعد متابعتي لتقارير المجلس الاستشاري للمياه في الأمم المتحدة، حيث تشير الدراسات إلى موقع دول الخليج ضمن مناطق الاستخدام «غير المستدام» للمياه، أي المناطق التي تعاني هدراً للمياه حالياً وعجزاً مائياً مستقبلياً. وإن لم تخني الذاكرة، فقد شاركنا كباحثين في المراكز التعليمية قبل ثلاث سنوات بأوراق عمل حول موضوع ندرة المياه، وأقمنا ورش عمل، ورسمنا «خرائط طرق» ضمن التوصيات للتوصل إلى حل لأزمة المياه في دول الخليج. وهنا أتساءل: ماذا بعد تلك المؤتمرات؟... وأين ذهبت التوصيات؟... وهل تمت إعادة النظر في سياسة التخضير والزراعة؟... وماذا عن استبدال النباتات ذات الاستهلاك المائي العالي بنباتات ذات الاستهلاك المائي القليل؟... وماذا عن تصنيف النباتات طبقاً للقيمة الإنتاجية والاقتصادية؟... وماذا عن استحداث إدارة للأمن المائي؟... وماذا عن توعية المواطن باستخدام البدائل الموفرة للطاقة؛ كالسخانات الشمسية، والعوازل الحرارية في البناء؟
شخصياً... توصلت إلى قناعة بعد ذلك، وهي أننا لسنا بحاجة إلى المزيد من الخطط والدراسات والمؤتمرات وورش العمل، إنما خطة واحدة واضحة وشاملة، تكفي. وفي هذا السياق أذكر حملة «ترشيد»... التي أتمنى أن تثمر نتائجها الإيجابية، وأن يتم توسيع دائرتها لتشمل ترشيد استخدام المياه والكهرباء في المرافق العامة.
قريباً... سيعاود مجلس الأمة مزاولة نشاطه، وسنتهيأ لاستقبال مرحلة جديدة من الممارسة الديموقراطية بعد توديع مرحلة الـ1443 سؤالاً برلمانياً، وهنا أتمنى قبل إغراق الصحف بالمزيد من الأسئلة البرلمانية، أن يقوم النواب أنفسهم بحملة ترشيد لأسئلتهم العشوائية، فامتعاض المواطن من العنف البرلماني اللفظي وصل إلى حد الذروة، ورغبة الناخب في رؤية ممارسة برلمانية سليمة أصبحت واضحة، والرغبة في طرح رؤى تعكس قضايا الحاضر والمستقبل وتحت قبة الصرح البرلماني الذي كان ومازال، رمزاً للاعتزاز بحصيلة تجارب الماضي أصبحت مطلباً.
***
كلمة أخيرة... باقة ورد للدكتورة معصومة مبارك، التي أدارت دفة التخطيط والاتصالات والصحة... ولم تخرج تنازلاً عن مبادئها الإصلاحية، إنما اختارت استراتيجية ذكية للخروج من منطقة «التماس» البرلماني الحكومي.