سكان القرين في خطر
الشيء الخطير في مشكلة نفايات القرين ليس موضوع الفشل في تحقيق «الابتكار البيئي الهندسي الجديد»، بل هو في انعكاساتها المضرة على صحة البشر، فكثير من الخبراء الصحيين سبق أن حذروا، ولا يزالون، من مخاطر الغازات المنبعثة من هذه النفايات لأنها تسبب أمراضاً خطيرة ومستعصية، والمصيبة أن موقع النفايات السامة هذا محاط ببيوت سكنية ومدارس عدة لأطفال أبرياء.
قبل أكثر من عشرة أعوام، وتحديداً بتاريخ 15/12/1998، صرح المدير العام الأسبق للهيئة العامة للبيئة لوكالة الأنباء الكويتية خلال ندوة نظمتها «الجمعية الكويتية لحماية البيئة» حول مشكلة نفايات القرين، التي ظلت لسنوات طويلة من دون حل، بأن «الهيئة العامة للبيئة انتهت من وضع كافة الإجراءات التحضيرية لمعالجة المشكلة هندسياً بحرق الغازات الموجودة في الموقع ومن ثم معالجة النفايات للاستفادة منها وترحيلها» مشيراً إلى أن «التكلفة التقريبية لهذا الحل ستبلغ نحو 15 مليون دينار خلال فترة تقدر بثلاث سنوات». كان هذا في عام 1998 ومفترض انتهاؤه بعد ثلاث سنوات، أي في عام 2001.ولكن في العام المحدد للانتهاء من المشروع وتحديداً بتاريخ 24/1/2001 أعلن المدير العام الأسبق للهيئة العامة للبيئة لوكالة الأنباء عن «وضع حل هندسي مبتكر لمشكلة انبعاث الغازات من موقع القرين، وهو تجميعها وتحويلها بواسطة طرق علمية إلى طاقة كهربائية لإنارة المدن السكنية»!! ثم ذكر أيضاً أنه تم التوقيع على عقود جديدة لتمديد الأنابيب، وأكد أن الانتهاء من هذا الحل الهندسي سيكون بعد نحو ستة شهور، ولم يذكر لنا ماذا تم بعد انتهاء «الإجراءات التحضيرية» في العام 1998؟ ولكنه حمل هذه المرة «بشرى» جديدة. فخلال مدة قصيرة، حسب زعمه، لن يكون هنالك روائح عفنة أو غازات كريهة تنبعث من الموقع وأنها ستتحول إلى طاقة كهربائية لإنارة المنطقة!! «يا سلام» النفايات ستتحول إلى طاقة كهربائية! ومتى؟ في شهر يوليو 2001. والآن بعد مرور عشرة أعوام على الوعود الرسمية، لم يرّ سكان المنطقة أن الغازات قد تحولت إلى طاقة كهربائية للإنارة كما أن الروائح الكريهة ظلت كما هي. لماذا؟ لأنه، وكما صرح مصدر بيئي في الهيئة العامة للبيئة لصحيفة «الراي» بتاريخ 1 نوفمبر 2007 فإن «ما تم معالجته من إجمالي المساحة التي تحتوي على النفايات (جزء بسيط)، وما تبقى من المساحة نسبة ثلثها التي لا تزال تحتوي على نفايات خطرة تنبعث منها غازات لها أضرار على سكان المنطقة»!!يعني «سلامتكم ما صار شيء» رغم الوعود الحكومية التي ستحول الغازات السامة إلى طاقة كهربائية تنير المنطقة!! على أن الشيء الخطير في هذه الكارثة البيئية ليس موضوع الفشل في تحقيق «الابتكار البيئي الهندسي الجديد»، بل هو في انعكاساتها المضرة على صحة البشر، فكثير من الخبراء الصحيين سبق أن حذروا، ولا يزالون، من مخاطر الغازات المنبعثة من هذه النفايات لأنها تسبب أمراضاً خطيرة ومستعصية مثل السرطان ونقص المناعة والتخلف العقلي والأمراض الجلدية. والمصيبة أن موقع النفايات السامة هذا محاط ببيوت سكنية ومدارس عدة لأطفال أبرياء. ورغم مرور الزمن الطويل على هذه المشكلة البيئية فانني أشك أن وزارة الصحة قد قامت بعمل مسح ميداني مثلاً لمعرفة الأضرار الصحية التي يتعرض لها سكان هذه منطقة.والسؤال الآن هو من يطمئن سكان منطقة القرين؟ هل نسمع ذلك من نواب المنطقة وأحدهم عضو في الحكومة؟ أم نسمعه من ممثل المنطقة في المجلس البلدي؟ أم نسمع تطميناً من الجهات الحكومية ذات العلاقة كالهيئة العامة للبيئة أو البلدية أو الصحة؟ أم تأتينا الأخبار المطمئنة من الجمعية الكويتية لحماية البيئة؟ أم ننتظر ليؤكد لنا شباب الخط الأخضر صحة ودقة المعلومات الحكومية حول هذه الكارثة البيئية المستمرة؟ أم أن الأمر يتطلب أن يقوم سكان منطقة القرين بتكوين فريق تطوعي يتابع هذه القضية التي تهدد صحتهم وصحة أطفالهم؟