لا شك أيها الإخوة أننا محسودون من العالم أجمع، لتميزنا بإنتاج هذا النوع من الأبطال المنتصرين دوماً، الذين يزجون شعوبهم كل يوم بحروب معروفة نتائجها مسبقاً، ولا تعرف الحكمة طريقاً لرؤوسهم بل يسيطر عليهم «حماس» الأغبياء وتهورهم.للعرب مفهوم خاص يتعلق بـ«النصر» يتميزون به عن باقي البشر، فهم دائما منتصرون وصامدون بعون من الله وفضله، وخصمهم مهزوم وخاسئ حتى إن كان قد «غسلهم» شر غسلة، فهذا غير مهم أبداً المهم أنهم انتصروا بصمودهم آخر الأمر، ولا تسأل عن نوع هذا الصمود أهو صمود الند؟ أم صمود من يتلقى الصفعة تلو الأخرى فلا يسقط أبداً متبعاً خطة «جدع ياد خليك جامد!».
إليكم بعض الأمثلة:
في عام 1982 اجتاحت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، وفعلت الأفاعيل بمواقع منظمة التحرير الفلسطينية، وحاصرت بيروت ثم أقصت ياسر عرفات الذي أبحرت به السفينة بعيداً إلى تونس، كما تم تشتيت بقايا قواته إلى تونس والسودان واليمن، ومع هذا ردد العرب وقتها كلمة النصر والانتصار، وظهر ياسر عرفات مبتسما في صورة كبيرة حملها مؤيدوه على ظهر سفينتة وهو يلوح بإصبعيه علامة النصر المؤكد!
وفي عام 90 في حرب تحرير الكويت حين شنت قوات التحالف هجومها الجوي الكاسح على بغداد، وراحت تتساقط القنابل والصواريخ على العاصمة العراقية من كل اتجاه، حتى أصبح ليلها مُضاءً من كثرة النيران، وتحولت قواته الغازية في الكويت إلى حطام متناثر أثناء انسحابها، لكن هذا كله لم يمنع القائد المهيب الركن المنتصر دائماً، والذي اختبأ كفأر ذليل من قول كلمته الشهيرة والفخر يملؤه «الله أكبر...يا محلا النصر بعون الله!».
وفي صيف 2006 دخلت القوات الإسرائيلية الجنوب اللبناني ولم تخرج منه إلا بعد أن خلفت وراءها خمسة آلاف مدني لبناني بين قتيل وجريح أكثرهم من النساء والأطفال، وتم تهجير مليون آخرين وتحطيم قرى ومدن بأكملها، لكن المقاييس العربية الفريدة من نوعها حولت هذه الهزيمة النكراء، والمأساة الواضحة البينة إلى انتصار ما بعده انتصار، وأصبح من تسبب بهذه الحرب المأساوية غير المتكافئة، بطلاً ورمزاً للصمود بل مصدر فخر لكل عربي مناضل!
واليوم لا نعجب حين نرى قادة «حماس» وقد ذهبت من وجوههم حمرة الخجل، وهم يدعون النصر بعد مقتل أكثر من مئة طفل فلسطيني بريء، راحوا ضحايا لمعركة غير متكافئة بين السذاجة «الحماسية» والخبث الإسرائيلي!
لا شك أيها الإخوة أننا محسودون من العالم أجمع، لتميزنا بإنتاج هذا النوع من الأبطال المنتصرين دوماً، الذين يزجون شعوبهم كل يوم بحروب معروفة نتائجها مسبقاً، ولا تعرف الحكمة طريقاً لرؤوسهم بل يسيطر عليهم «حماس» الأغبياء وتهورهم، فلا يكترثون للأرواح التي تذهب ضحية عنترياتهم الطفولية الحمقاء، فحين يستفز المرء عدوه وهو يعلم أنه أقوى منه بكثير، وأنه سوف يجعل منه فرجة، فإن الأمر لا يعدو أن يكون حماقة وتهوراً واستهتاراً وعدم إحساس بالمسؤولية، لا شأن له لا بالصمود ولا الانتصار طبعا.
فرحمة بشعبكم أيها «الحماسيون» وقليل من العقل... فهل نطلب الكثير؟!