شجاعة مسلّم البراك، الذي يحمل في جوفه قلب أسد، لو توزع على عشرة نواب من حملة قلوب الخرفان لكفاهم شجاعة وفاض، هي أمر يقر به مخالفو مسلّم قبل محبيه، لكن حبنا لمسلّم ولشجاعته وتقديرنا الكبير للدور الإصلاحي الذي يؤديه لن يجعلنا بحال من الأحوال نتغاضى عنه، فلا ننتقده في ما نراه مستحقا للنقد.تصريح وزير النفط المستقيل بدر الحميضي منذ أيام بأن النائب مسلّم البراك هو رجل التأزيم الأول في البلاد لأنه طرف في الأزمات السياسية جميعها التي مرت بها البلاد، وأنه يحاول أن يعيش أدوار البطولة على حساب مصلحة البلد، وقول البراك بأنه لن يرد على الحميضي لأنه أصبح مواطناً عادياً وليس وزيراً، وأنه لو كان وزيراً لأعطاه الرد الشافي والوافي على كل كلمة قالها، وعودة الحميضي بعدها بتصريح إنشائي مشاكس آخر.
أقول إن هذه المشاكسات، وبالرغم من متابعة بعضهم لها بابتسامة وعيون لامعة، لا تحمل أية قيمة حقيقية في الواقع، ولن تفضي إلا إلى زيادة جرعتي الاحتقان والتوتر في ما تنقله صحافتنا يوميا من أخبار الحكومة والبرلمان، فالوزير السابق الحميضي قد صار اليوم خارج الحكومة، وكان من الأفضل له بعدما ترجّل أن ينصرف لشؤونه المستقبلية بهدوء وشهامة الفرسان، دون إلقاء هذه التصريحات التي بدت كصرخات ألم أخيرة، خصوصاً أنه هو من قال بأنه قد استقال حرصاً على تجنيب البلاد أزمة سياسية!
وأما من الجانب الآخر فمسلّم البراك لم يكن بحاجة إلى الرد، وهو يدرك أن تصريح الحميضي مختلج بالعاطفة والحرقة، ولم يكن بحاجة إلى أن يؤكد أنه ما كان ليتركه من دون رد شاف وواف لو كان لا يزال وزيراً، فالكل يعرف أنه لا يهاب الوزراء!
شجاعة مسلّم البراك، وأنه يحمل في جوفه قلب أسد، لو توزع على عشرة نواب من حملة قلوب «الخرفان» لكفاهم شجاعة وفاض، هو أمر يقر به مخالفو مسلّم قبل محبيه، لكن حبنا لمسلّم ولشجاعته وتقديرنا الكبير للدور الإصلاحي الذي يؤديه لن يجعلنا بحال من الأحوال نتغاضى فلا ننتقده في ما نراه مستحقا للنقد.
إن هذه المرحلة الصعبة المحتقنة من عمر الكويت تحتاج إلى رجال شجعان على طراز مسلّم البراك من دون أدنى شك، أولاً: ليواجهوا الفساد ويتصدوا لرموزه ويوقفوهم عند حدهم. وثانياً: ليكشفوا للناس أن ليس كل نائب مثل الآخر. فهناك مسلّم البراك ومن يشابهونه في الأعلى، وهناك أشباه الرجال في الأسفل! لكننا وإن قلنا ذلك، فإنّنا نقول كذلك: إن الشجاعة ليست هي كل شيء، ولا بد من تحركات فعلية واضحة مدروسة تساندها، وإلا غدت في النهاية طيشاً وغوغائية!
ما الفائدة الحقيقية من أن يقف مسلّم البراك منذ أيام قائلاً: إن الشيخ حمد صباح الأحمد يتخفى وراء شركة يرأسها بدر السبيعي، فيتحول المشهد إلى لقطة فيديو تتداولها الهواتف النقالة؟! لا أريد أن أتصور أن الفكرة المجردة هي أن يثبت البراك أنه قادر على الحديث جهرة حتى عن الشيخ حمد وهو ابن سمو الأمير.
إن ما كان سيفيدنا حقا هو لو أن مسلّم البراك كان أرفق مع فعله هذا، سؤالاً برلمانياً محدداً عن التجاوزات التي يعلم أن الشيخ حمد اقترفها، وأظهر كيف أن الحكومة لم تقم بواجبها في التصدي لها قانونياً، وحرص على أن يوصل القضية إلى نهايتها. هذا ما كان سيفيدنا حقاً.
إننا نحبك يا مسلّم، ونشهد بشجاعتك، لكننا نتوقع ونريد منك ما هو مفيد فعلاً!