د. محمد بوزبر: تصديق دولة الكويت على المحكمة الجنائية يحتاج إلى قرار سياسي من أعلى المستويات

نشر في 07-12-2007 | 00:00
آخر تحديث 07-12-2007 | 00:00

عدم تصديق الدول العربية على الاتفاقية معناه تخلفها عن الركب وعدم قدرتها على الاعتراض على أي قرارات تتخذها المحكمة الجنائية الدولية في المستقبل.

أكد أستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة الكويت د. محمد عبدالرحمن بوزبر، أن تصديق دولة الكويت على نظام المحكمة الجنائية الدولية يحتاج إلى قرار سياسي من أعلى المستويات، موضحا أن اللجنة التي تم تشكيلها لدراسة الآثار الناجمة عن تصديق دولة الكويت على المحكمة، خلصت إلى تعارض بعض بنود المحكمة مع بعض بنود الدستور الكويتي، وتحديدا في مسألة الحصانة المطلقة المقررة لصاحب السمو، حسب ما هو وارد في المادة رقم (54) من دستور دولة الكويت.

وقال إن دولة الكويت مازالت في مرحلة التوقيع، بعد خمس سنوات من دخول الاتفاقية حيز النفاذ، وأضاف إنه كانت هناك جهود كويتية (لكنها كانت متواضعة)، سواء من خلال وزارة الخارجية أو وزارة العدل، وهذه الجهود دعت إلى تفعيل الاتفاقية وحث دولة الكويت على التصديق عليها، وكانت من هذه الجهود ندوة نظمتها وزارة العدل لمناقشة آثار هذه الاتفاقية الناتجة عن تصديق دولة الكويت على هذه الاتفاقية، وأصدرت الندوة ورقة بضرورة المزيد من الدراسة بشأن هذه الموضوع.

وقام وزير العدل آنذاك احمد باقر، بإصدار قرار وزاري بإنشاء لجنة لدراسة أهمية الآثار الناتجة على تصديق الكويت على الاتفاقية، وكانت هذه اللجنة برئاسة النائب العام وعضوية كل من وزارة الخارجية وجامعة الكويت ووزارة الداخلية والكثير من المؤسسات الحكومية ذات الصلة.

وناقشت هذه اللجنة الكثير من المواضيع، من أهمها أن التصديق على هذه الاتفاقية والآثار الناجمة عنها في حال التصديق أو عدم التصديق عليها.

وقال د. محمد بوزبر إن المحكمة الجنائية الدولية الدائمة ترى أن الجميع سواسية أمام القانون، ولا يمكن التحجج بالحصانات، حسب ما ورد في المادة رقم (27) من النظام الأساسي للمحكمة، الذي نص على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية، والمادة رقم (28) التي نصت على مسؤولية القادة والرؤساء الآخرين.

وبما أن دستور الكويت يمنح حصانات أولها لرئيس الدولة، وهي حصانة مطلقة كما ورد فى المادة رقم (54) «الأمير رئيس الدولة، وذاته مصونة لا تُمس»، ومعنى قبولنا للاتفاقية والتصديق عليها مثل ما اقر عدد من الخبراء الدستوريين في اللجنة وعلى رأسهم أ. د. عادل الطبطبائي، يتطلب تعديل الدستور، وهي مسألة صعبة لدى الكثير من الكويتيين، اي عدم المساس بالدستور ذي الطبيعة الجامدة، مضيفا إننا الآن أمام معضلة دستورية.

وأوضح أن فقهاء القانون اختلفوا في مسألة الحصانة الممنوحة للقادة والرؤساء، فالبعض يراها حصانة مطلقة بسبب الوظيفة، وهناك من يراها حصانة لا تعفي من ارتكاب الجرائم.

وخلصت اللجنة المشكّلة في النهاية، إلى أن الحلول التي توصلت إليها حلول وسطية تدفع بمزيد من الدراسة للاتفاقية أو التريث، ورفع هذه الموضوع إلى القيادة السياسية لأخذ قرار سياسي بشأنها والموافقة على التصديق عليها.

القبول بالكل أو رفض للكل

وشدد د. بوزبر على أن الاتفاقية لا يمكن التحفظ علي أي من بنودها، فإما أن تقبلها كلها أو أن ترفضها كلها.

وأوضح أن الموضوع رفع إلى «الفتوى والتشريع» لإبداء الرأي، ولايزال معلقا لأنه يحتاج إلى قرار سياسي للموافقة على القرار ومصادقة دولة الكويت عليه.

لكن بالنظر إلى الفعاليات التي تمارسها هذه المحكمة، وهي بالدرجة الأولى تسعى إلى إقرار مفاهيم تهدف إلى حماية حقوق الإنسان ضد أي انتهاكات، وهي ليست محكمة مسلطة على المحاكم المحلية، ولا تتدخل في قضاء الكويت ولا أي قضاء آخر، واختصاصها تكميلي، حسب ما ورد في المادة الأولى من النظام الأساسي، ودورها يأتي عندما ترى أن هناك تقاعسا وعدم أداء للدور الوظيفي في الدولة.

وقال إن البعض يعتقد إننا ما دمنا لم نصادق على الاتفاقية فنحن بمنأى عن ولاية المحكمة، وهذه كلام غير صحيح. لانه من ضمن نظام المحكمة الأساسي ما ورد في المادة (13)، بان هناك آلية تسمح للمدعي العام أو مجلس الأمن بتحريك الدعوى في مواجهة دولة، حتى لو لم تكن موقعة أو مصادقة على الاتفاقية، وهذا ما حدث في إقليم دارفور، حيث ان السودان لم يصادق على الاتفاقية حتى الآن.

4 دول عربية

وأوضح أن هناك أربع دول عربية صادقت على الاتفاقية هي الأردن، جيبوتي، جزر القمر واليمن.

وعاب د. محمد بوزبر على الدول العربية عدم تصديقها على الاتفاقية حتى الآن، لان عدم التصديق على الاتفاقية معناه تخلف هذه الدول عن الركب، وعدم قدرتها على أن تعترض على أي قرارات تتخذها المحكمة، لأنها لم تصادق على النظام، وأوضح أن هذه الدول التي لم تصادق تأخذ فقط صفة المراقب في حضور جلسات المحكمة، التي تتخذ من مدينة لاهاي الهولندية مقرا لها، وتنظر العديد من القضايا مثل الكونغو ودارفور.

تاريخ المحكمة

وقال د. محمد بو زبر، إن المحكمة الجنائية الدولية تم إقرارها حسب النظام الأساسي لها في العام 1998 في مدينة روما، وذلك بناء على مؤتمر دعت إليه الأمم المتحدة، وهو المؤتمر الدبلوماسي لإقرار المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، وهذه المحكمة أو النص الذي تمت الموافقة عليه مر بسنين طويلة، إلى أن تم الاتفاق على مضمونه، ودخلت هذه المحكمة في الألفية الأولى، وأوضح أن 60 دولة حول العالم صادقت على المحكمة في حينه، وهو العدد الذي كان لازما لدخول المحكمة حيز النفاذ، ووصل عدد الدول المصادقة على المحكمة حتى الآن إلى 120دولة.

وأشار إلى أن الاتفاقية فتحت الباب أمام وجود قضاء جنائي دولي يكون أساسا لمحاكمة جميع الجرائم التي قد ترتكب بحق البشرية، ومن اختصاص هذه المحكمة 4 جرائم هي الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الإبادة الجماعية، وهناك جريمة رابعة مازالت محل بحث ونظر وهي جريمة العدوان. وقال إن هناك جهودا حيثية من قبل جميع الأطراف لدراسة إمكان وضع تعريف شامل لهذه الجريمة، وهي جريمة انتهاك الدول بعضها لبعض، وجريمة إعطاء الأوامر لشن حروب على الدول.

وأضاف د. بوزبر أن الكويت شاركت بفاعلية وبوفد رسمي كبير في مؤتمر روما عام 1998، برئاسة وزير العدل آنذاك احمد الكليب وعديد من المستشارين في المؤتمر، الذي اختتم أعماله بتوقيع دولة الكويت فقط بالأحرف الأولى على الاتفاقية، مشيرا إلى أن التوقيع على الاتفاقية لا يأتي بشيء جديد ولا بالالتزام مع الدول ويبقى التزاما أدبيا فقط، لكن التصديق هو الذي يؤتي ثماره لأنه بالتصديق سوف يقر هذا القانون وسوف يفتح أمام أي برلمان للمصادقة عليه، ويصدر بصفة قانون ويصبح واجب النفاذ.

back to top