الخُمس المعطل

نشر في 17-10-2007
آخر تحديث 17-10-2007 | 00:00
 أحمد عيسى

كيف نفسر غياب وزير أصيل للنفط مدة خمسة أشهر في حكومة دولة تعتمد بنسبة 95 %من دخلها على النفط، وكيف نفسر أيضاً غياب وزير دولة أصيل لشؤون مجلس الأمة في حكومة تتهم النواب بالتأزيم.

مشكلة حكومتنا الرشيدة أنها تقدم نفسها بأنها صاحبة رؤية وبرنامج، وأتت كحكومة خلاص وطني تريد انتشال الكويت من مستنقع الفساد والدخول في منظومة الدول المتقدمة، وبيدها ستتحول البلد إلى مركز مالي عالمي، لكنها في المقابل ليست كذلك، إذ قدمت لنا طوال عطلة الصيف جملة رسائل تؤكد حرصها على تعطيل التنمية بالبلد، ورغبتها في بقاء الحال على ما هو عليه.

لنرى ما حدث، بدأت الحكومة عطلتها الصيفية السياسية فاقدة وزيري النفط والمواصلات بعد شهرين من تعينهما، ثم لاحقاً اكتمل الخُمس المعطل بمغادرة وزير الصحة إثر حريق مستشفى الجهراء، ما يعني أنها حتى اليوم الأربعاء قضت قرابة خمسة أشهر فاقدة وزيرين، وثلاثة أشهر فاقدة ثلاثة وزراء، وسط أنباء عن خروج وزيرين من الحكومة وتدوير اثنين آخرين، أي اننا بكل بساطة أمام تشكيل حكومي جديد يحمل مسمى «تدوير» إلا أنه ليس كذلك، إذ سيدخل الحكومة خمسة وزراء جدد وسيحمل اثنان من زملائهما حقائب جديدة، وهذا يعني أننا أمام حكومة نصف جديدة و«نص عمر» أيضا.

هذا الإحصاء الرقمي المؤلم يقابله إحصاء نوعي أشد إيلاما، فكيف نفسر غياب وزير أصيل للنفط مدة خمسة أشهر في حكومة دولة تعتمد بنسبة %95 من دخلها على النفط، وكيف نفسر أيضاً غياب وزير دولة أصيل لشؤون مجلس الأمة في حكومة تتهم النواب بالتأزيم، وكيف نتفهم غياب وزير للمواصلات في بلد مقدم على خصخصة شركة الطيران التابعة له، وسأقفز على الملف الصحي تفادياً للإطالة.

الحكومة وعدت مجلس الأمة قبل العطلة البرلمانية بتقديم برنامج عمل، إلا أنها حتى اليوم لم تقدم منه سوى تسريبات صحفية أطلقتها مصادر عليا وأخرى وزارية، أمتعها كان تحديد مجلس الوزراء 165 أولوية في برنامج عمل الحكومة، لا أعلم كيف ستنفذها وعمرها لن يتجاوز دستورياً سنتان ونصف السنة في أحسن الأحوال، أي بواقع أسبوع واحد لكل أولوية حتى يوليو 2010، وطبعا كالعادة سيأتي على رأسها مكافحة الفساد وتطبيق القانون، وتسهيل دخول المستثمرين، وخلق المناخ المناسب لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وغيرها من جمل مكررة حتى يصل الرقم إلى 165.

لكن في المقابل، هل تساءل أحدنا كيف ستطبق الحكومة برنامجها وتحول الكويت إلى مركز مالي عالمي، وهي تدير بلدا يخالف مقيموه قوانينه أكثر من المواطنين؟!

back to top