في نفسي حسرة، فأنا أتوق إلى أن أرى مسؤولاً أو زعيماً يخرج على شاشات التلفزة ليعتذر من شعبه على خطأ ارتكبه بحقه! وكل أملي أن لا أحمل معي هذه الحسرة إلى القبر!

Ad

العالم الذي نعيشه يا أخواني وزملائي بدأ يضيق بتراكم العسف والظلم الذي يلحق بالناس على يد الزعماء والمسؤولين والنخب التي تتصدر واجهة المسؤولية، ولا نسمع من أحد، أي أحد، يتحمل مسؤولية أعماله أو خياراته الخاطئة، بل الأنكى من ذلك فإنه عندما يُنّبه من قبل منافسيه أو مخاصميه، فإنه يستشيط غضباً، أيما غضب، حتى ليذهب به الأمر أحياناً إلى أن يقلب الطاولة على الجميع! فقط وفقط من أجل ألا يبدو محرجاً أمام محازبيه أو أنصاره!

ابدأ من الجماعات المحسوب عليها! حتى لا يقال إنني أريد الكيل بمكيالين هنا، أو أن ينطبق عليّ المثل القائل: «حلال لنا حرام على غيرنا»!

لماذا لا تعترف الحكومة الإيرانية بأنها أساءت تقدير الموقف بالنسبة للعراق عشية الاستعدادات الدولية لغزوه، وأنها أحسنت الظن أحيانا في من هم لم يكونوا على قدر المسؤولية حتى أصبحوا اليوم جزءاً من المشكلة، بدلا من أن يكونوا جزءاً من الحل؟!

لماذا لا تعترف الحركات الإسلامبة بأنها كانت ولا تزال تمارس أساليب بدائية، وأحياناً ساذجة، في العمل السياسي جلبت الكوارث على نفسها إن لم يكن على الأمة في بعض الأحيان، مبررة ذلك بأن حسن النوايا يغفر للمرء ما يرتكبه من أخطاء عملية، في حين أن العمل السياسي لا يقاس بالنوايا بقدر ما يقاس بالنتائج يا سادتي الكرام، خصوصاً إن أردتم ولوج السياسة من أوسع أبوابها ؟! وفلسطين هي أوسع أبوابها، إن لم تكن الفيصل بين الجنة والنار!

وأما الأشقاء العرب من نخب على الأخص، والمسؤولين على الأعم الأغلب، فالسؤال الملح الموجه إليهم الآن هو: إلى متى تبقون في مقاعد المتفرجين والمراقبين، وفي أحسن الأحوال الواصفين للحال... ويا ليتكم تصفونه كما هو، وليس كما يقال؟! فتصبح إيران «خطراً» على الأمن القومي العربي مرة لأنها تقارع الأميركيين على أكثر من جبهة دون توافق مع التوجهات العربية العامة! أو يصبح «حزب الله» اللبناني «مغامرا» لأنه يريد تحرير أسراه من دون تنسيق مع عقل السلطة العربي الباحث عن سراب التسوية المستحيلة مع اللص الإسرائيلي المدعوم من اللص الدولي الأكبر! فيما تصبح «حماس» فجأة هكذا ودون مقدمات «فرقة من فرق الحرس الثوري»، وجزءاً من مشروع إيراني إمبراطوري يحاول أن يتمدد على حساب دور هذه القوة العربية أو تلك؟!

لماذا لا نفكر بطريقة أخرى، ولو لمرة واحدة، ونقول إن المشكلة بالأساس، هي في سياسة الغلبة بالرعب والقوة التي تستعملها القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، التي تريد فرض وصايتها علينا عن طريق حاملة طائراتها المتقدمة التي اسمها إسرائيل، من خلال منع أي تعاون أو تنسيق أو تفاهم أو حتى تفهم لسياسات بعضنا البعض نحن العرب والمسلمين. وجعلنا في صراع وفتن دائمة حول الهوامش والثانويات من أمور الدنيا والسياسة حتى يتمكنوا من نخر أجسامنا من الداخل فتسهل مهمة «التفاوض» معنا فرادى ليأكلونا فيما بعد جميعا ودون استثناء!

على إيران ان تحسم أمرها وبشكل نهائي بأنه لا دور قوياً لها من دون عرب أقوياء إلى جوارها.

وعلى العرب أن يحسموا أمرهم مع إيران وبشكل نهائي أيضا بأن قوة إيران لايمكن أن تتحول إلى خطر عليهم، ما دام الحاكم في طهران مسلماً يضع في سلم أولوياته الدفاع عن القضايا العربية العادلة.

وعلى الحركات الإسلامية الصاعدة في المنطقة أن تحسم أمرها في شؤون السياسة أيضا، بألا تفكر على طريقة من سبقوها من المغامرين فتتصور أن التأريخ بدأ من عندها، وأن الإسلام السياسي يجُبّ كل ما قبله! فهذه مقولة إن صحت مع الإسلام الحنيف، فهي لا تصلح قط مع السياسيين من المسلمين مهما ظنوا أنفسهم أتقياء!

أرجوا أن لا أكون بكلامي هذا قد أغضبت أحداً تعسفاً مني تجاهه، لكن يحضرني هنا قول حكيم للشاعر الإيراني الشهير سعدي الشيرازي أرجو أن نسترشد به جميعا إذ يقول:

اذا ما عكست المرآة « قُبح» وجهك أصلح وجهك لا تكسر المرآة!

 

كاتب إيراني