Ad

في ضوء المسؤولية الضخمة والحساسة التي نلقيها على عاتق القضاة، أطرح عدداً من الاقتراحات منها؛ إنشاء صندوق يوفر القروض بشروط ميسرة، وفتح باب العلاج للخارج للقضاة وأسرهم أسوة بوزارة الداخلية والدفاع، وإجراء مراجعة دورية لرواتب القضاء للتيقن من ملاءمتها لمواجهة أعباء الحياة المتزايدة.

 

أعلم أن وضع القضاة من الناحية المالية ليس سيئاً للدرجة التي تستدعي طرحه في مقالة كقضية عامة، لكنني أنطلق من مبدأ عالمي يرى ضرورة المبالغة في راحة القضاة من الناحية المالية نظراً إلى حساسية موقعهم وخطورته وأهميته للدولة بأكملها. فالقاضي يضطر إلى عزل نفسه عن الناس، وربما ينعكس ذلك على أسرته كذلك، كي لا يتأثر بما يتداوله العامة حول ما يمكن أن ينظره كقضية أو خشية أن تؤثر علاقاته الاجتماعية في ما يعرض عليه من قضايا.

هذه العزلة التي يضطر إليها القاضي تعني بالضرورة توفير سبل حياة مستقرة لا يحتاج معها القاضي إلى الآخرين كما يفعل أغلبيتنا. وسأطرح عدداً من الاقتراحات حول أمور أظن أن توفيرها لن يكلف الدولة الكثير بينما يمكن إخواننا القضاة من توفير الحد المريح من الحياة لهم ولأسرهم.

أقترح إنشاء صندوق يوفر للقضاة القروض المالية الميسرة كي لا يضطر للجوء إلى البنوك التجارية التي قد تضع القاضي في وضع ربما يحتاج فيه إلى مساعدة أي من مسؤولي البنوك.

وكذلك توفير فرص العلاج في الخارج لمن يستدعي ظرفه الصحي ذلك سواء من القضاة أو أفراد أسرهم أسوة بالخدمة نفسها التي تتوافر للعاملين في وزارتي الداخلية والدفاع، فقد علمت أن بعض القضاة اضطر إلى التوسط لدى أحد النواب كي يدرج ابنه المحتاج إلى علاج لا يتوافر في الكويت ضمن الكوتا المسموحة لذلك النائب في وزارة الداخلية، كما أقترح شمول القضاة في برنامج للتأمين الصحي كما هي الحال في أغلب شركات القطاع الخاص التي يشمل التأمين الصحي فيها المواطنين وغيرهم.

وعند مقارنة الامتيازات التي يحصل عليها القاضي عند انتدابه للعمل في إحدى الوزارات (عندما كان مسموحاً بذلك) بالامتيازات التي يحصل عليها كقاض، سنرى الفارق الشاسع بينهما لمصلحة العمل كمنتدب لدى الحكومة. وقد يرى بعضهم أن تلك الامتيازات قد لا تستحق أن تذكر عند الحديث عن وضع القضاة، إلا أن النفس البشرية سترى في أقل المميزات ما يستحق الرغبة فيه. وليس علينا سوى مقارنة امتيازات وكلاء الوزارات أو ربما مديري الإدارات مع تلك التي يحصل عليها المستشارون من القضاة كنوع السيارة والهاتف النقال وجهاز الكمبيوتر النقال (لابتوب) وغيرها.

قد لا نستطيع توفير جميع احتياجات القضاة التي يضطرون للتعامل مع مؤسسات المجتمع الأخرى بشكل مباشر لكن علينا أن نسعى للحد ما أمكننا من ذلك الاضطرار.

وأنهي اقتراحاتي بضرورة النظر في رواتب القضاة بين فترة وأخرى للتأكد من كونها كافية لمواجهة ارتفاع تكاليف الحياة بشكل يليق بحياة أناس نلقي على عاتقهم مهمة الفصل بيننا بالعدل والحق وأن يجردوا أنفسهم من كثير من متع الحياة من أجل ضمان حياديتهم. وأنا على يقين بأن تكلفة هذه الاقتراحات البسيطة لا تستحق كثيراً من الجدل والأخذ والرد نظراً إلى أهميتها واستحقاق قضاتنا لها.