عذراً يا معالي وزيرة التربية!
معالي الوزيرة، ليس عذراً ان التقارير كانت ملفقة وزائفة، فما كان يحتاج الأمر منك سوى زيارات ميدانية حقيقية لا تسبقها البشائر حتى لا يفرش السجاد الأحمر ولا تنشر الأوراد والأزهار ويحرق البخور كما اعتاد أن يفعل المتملقون والمتملقات والمتزلفون والمتزلفات وما أكثرهم في وزارتك، لتعلمي صدق التقارير من كذبها.
المعذرة يا معالي وزيرة التربية، فأنا أعلم بأننا في شهر الصيام، وآخر ما قد يتمناه المرء هو ما يقلب المواجع وينكأ الجراح، لكن صدقيني ما كنت لأكتب لولا أني كنت يوم تسلمك حقيبة الوزارة ممن ظنوا، بل وراهنوا على، أنك من سيستطيع أن يصلح شأن هذه الوزارة المريضة، وكيف لا أفعل وأنت ابنتها التي تدرجت حثيثاً في مراحلها، حتى امتزجْتِ بها وامتزَجَت بك، وما عاد يخفى عليك في مرافقها كبير أو صغير، لكن الظاهر وللأسف أني قد أخسر الرهان!جميل ان أثارت حفيظتك الصورة التي نشرتها الزميلة (الراي) منذ أيام لأطفال يفترشون الأرض في أحد الصفوف، فسارعت إلى موقع الخلل تسابقك الشاحنات محملة بالإمدادات من كراسي وطاولات، جميل هذا، لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير يا معالي الوزيرة، فما نشرته (الراي) ليس سوى رأس جبل الجليد وما تحت الماء أعظم وأخطر! وغريب هو ما نشرته الصحف على لسان بعض المصادر في وزارتك، معالي الوزيرة، من أن لجنة الاستعدادات للعام الدراسي الحالي أوهمتك بأن العام الدراسي جاهز للانطلاق، ليظهر أنه حبر على ورق، أقول ذلك لأنه سيخيّل للقارئ وكأنك قائد جيش عرمرم ينتشر على طول جبهات في أصقاع الدنيا لا يستطيع رصد أطرافها إلا عبر التقارير!معالي الوزيرة، ليس عذراً أن التقارير كانت ملفقة وزائفة، فما كان يحتاج الأمر منك سوى زيارات ميدانية حقيقية لا تسبقها البشائر حتى لا يفرش السجاد الأحمر ولا تنشر الأوراد والأزهار ويحرق البخور كما اعتاد أن يفعل المتملقون والمتملقات والمتزلفون والمتزلفات وما أكثرهم في وزارتك، لتعلمي صدق التقارير من كذبها.معالي الوزيرة، هل أنت بحاجة إلى أن تنشر الصحف صور كيف قام المدرسون بأنفسهم مع خدم منازلهم بتنظيف المدارس من الأوساخ والأتربة لأن كل مدرسة لا يوجد بها إلا ما يقل عن أصابع اليد الواحدة من عمالة التنظيف؟ هل أنت بحاجة إلى صور الحمامات والمرافق التي لا تزال بحاجة إلى صيانة وكيف يضطر المدرسون إلى توفير الصيانة بأنفسهم لأن صيانة الوزارة تتأخر؟ هل أنت بحاجة إلى صور الأنشطة والورش الطلابية الزائفة التي يلفقها المدرسون والمدرسات وينفقون عليها مئات الدنانير ثم يحفظها الطلبة ليتقيؤوها كالببغاوات أمام الموجهين، فقط كى يقال إن الأقسام المختلفة لها أنشطة متميزة؟ هل أنت بحاجة إلى صور حدائق المدارس التي ينفق عليها النظار والناظرات آلاف الدنانير والتي كان يمكن أن توضع في ما هو نافع للعملية التعليمية، ثم يدعون كذباً أنها من عمل الطلبة؟ هل وهل وهل؟!نحن نحبك ونحترمك معالي الوزيرة، وما زلنا نأمل أن يكون لوزارة التربية شأنا مختلفا على يديك، وما كتبت اليوم إلا من هذا الباب رغبة مني أن تفعلي شيئا فتصلحي الكثير مما يجب ويمكن إصلاحه، وليس هذا صعباً على من أعطي هذه الصلاحيات وهذه الميزانية الضخمة. كل ما يحتاج إليه الأمر جرد لمواطن الخلل يقوم به الصادقون المخلصون من أبناء وزارتك، لا أولئك الذين أكل عليهم الزمن وشرب في مناصبهم من دون إنجاز يذكر، وبعدها إلى خطة محكمة ينفذها النشيطون العاملون حقاً لا أولئك الزائفون، وإلى متابعة زمنية دقيقة لخطوات التنفيذ، تعقبها يد كريمة تجزل العطاء لمن أخلص وعمل واجتهد ليعلم بأنه في محل التقدير ليفيض عطاء، ويد حازمة تنزل العقاب على من أساء وتلاعب، حتى لا يظن أنه في مأمن من العقاب. إما أن يحصل هذا وإلا سيبقى الأمر في ذات الحلقة المفرغة. صحف تنشر صور الفضائح والمهازل تعقبها إجراءات وتصريحات سطحية لا تعالج مكمن الداء!كلي أمل أن تفعلي شيئا معالي الوزيرة، لتكسب الكويت وأهلها ورئيس الحكومة وأنت وأنا الرهان!