إن كان لتلفزيون الكويت ما يفخر به فهو تلك البرامج الحوارية، فلماذا ينظر إليها على أنها تتعارض مع الاحتفالات الوطنية؟ لو كنت صاحب القرار لجعلت تلك البرامج على مدار الساعة، فدعم ورعاية الحوار والديموقراطية هو أفضل احتفال تستحقه الكويت بدلاً من التملق والتطبيل المصطنع.أتحفتنا وزارة الاعلام كعادتها عندما يتولى شؤونها أشخاص غير مختصين أو يفتقدون الديموقراطية والانفتاح بتصريحاتها المتضاربة حيال دوافع إيقاف البرامج الحوارية «6/6» و«ديوانية الأسبوع» و«مفترق طرق»، لكن الوزارة أبرزت لنا الثقافة المتوارثة لدى بعضهم في السلطة بأن مشروع الدولة الديموقراطية يتعارض مع مشروع الحكم.
حجة الوزارة الأولى كانت إخضاع البرامج للتقييم والمراجعة، وهنا نتساءل: لماذا التقييم عند السلطة دائماً على حساب الديموقراطية؟ ولماذا لا يكون التقييم بالممارسة بدلاً من المنع والإيقاف؟ ولماذا يقتصر التقييم والإيقاف على البرامج الحوارية وتترك برامج التفاهة والبرامج الدينية الرتيبة؟ قد يعتقد بعضهم أننا نعطي الموضوع أكبر من حجمه، لكن تجربتي إيقاف العمل بالدستور في 76 وما تبعه من تشكيل لجنة لتنقيح الدستور وتقييم الديموقراطية وإيقاف العمل به في 86، وإنشاء المجلس الوطني غير الدستوري لتقييم الممارسة النيابية، والآن يطول التقييم الحوار وتنوع الآراء، فإن ذلك كله ينم عن ثقافة متوارثة أساسها المنع وهدفها محاربة الديموقراطية.
أما حجة الوزارة الثانية بإفساح المجال للاحتفال بالأعياد الوطنية وكأنها أمر جديد على الكويت لا يحتمل استقطاع بضع ساعات في الأسبوع للحوار. إن كان لتلفزيون الكويت ما يفخر به فهو تلك البرامج الحوارية، فلماذا ينظر لها على أنها تتعارض مع الاحتفالات الوطنية؟ لو كنت صاحب القرار لجعلت تلك البرامج على مدار الساعة، فدعم ورعاية الحوار والديموقراطية هو أفضل احتفال تستحقه الكويت بدلاً من التملق والتطبيل المصطنع. كما أن التذرع بمناسبة تولي سمو الأمير مقاليد الحكم هو استغلال في غير محله لمقام سموه، فسموه أكد في أكثر من مناسبة صونه للدستور واحتضانه للديموقراطية وسعة صدره للآراء جميعها، كما أنه في عهد سموه أو أثناء رئاسته للحكومة أقرت قوانين إصلاحية وديموقراطية عدة منها؛ حق المرأة السياسي، والمطبوعات، والدوائر الخمس، بالإضافة إلى إسقاط المحكمة الدستورية لقانون منع التجمعات، لذلك ليس من المفترض أن يكون هناك تعارض بين الحوار وتنوع الآراء في المجتمع ومشروع سموه للحكم، لكنها الثقافة المتوارثة بعكس ذلك عند بعضهم، والتي أكدها سموه عندما قال في لقائه بأبناء الأسرة الحاكمة «العيب فيكم.»
أخيراً، كما في التجارب الماضية، فإن إخضاع الديموقراطية للتقييم من قبل أشخاص وجهات هي نفسها تفتقر للديموقراطية أمر لا يقبله العقل والمنطق، كما لا تقبل عقولنا أن تعلمنا وزارة الاعلام كيف نحتفل بأعيادنا، فنحن نتحاور ولا نطبل.
Dessert
كل عام والكويت بخير .. اللهم عزز ديموقراطيتها، وأكثر من حوارات أبنائها، وزد آراءهم تنوعاً، واهدِ بعض الناس فيها .. قولوا آمين.