أتراها زلة قلم يا شيخ جاسم المهلهل؟!

نشر في 13-01-2008
آخر تحديث 13-01-2008 | 00:00
 د. ساجد العبدلي  

مما كتبه الشيخ المهلهل «أقول للأستاذة الوزيرة نورية، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وأنت لكريم أصولك وشرف نسبك على قدر هذه المسؤولية»! هل يعني ذلك أن معيار كرم الأصل وشرف النسب هو مما يجعل الناس على قدر المسؤولية.

الشيخ الدكتور جاسم مهلهل الياسين، من أبرز مشايخ حركة الإخوان المسلمين في الكويت، وهو يُعِدُّ ويكتب صفحة أسبوعية دينية دعوية تنشر في الزميلة «الوطن»، يعلّم الناس من خلالها أصول الدين، ومعايير الأخلاق الفاضلة، ومقاييس الحكم على البشر، ويذكّرهم فيها بالهدي الرباني والنبوي من «أن الناس سواسية كأسنان المشط»، وأنه «لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى»، وأن العصبيات والتفاخر بالأنساب مذمومان منهي عنهما كما قال الرسول عليه وعلى آله أكرم الصلاة وأتمّ السلام، «دعوها إنها نتنة».

الشيخ الدكتور جاسم المهلهل الياسين كتب منذ أيام مقالاً في الزميلة «الوطن» بعنوان «ليس الحل بالحل»، وتحدث فيه عن أمور شتى كان من ضمنها الحديث عن استجواب وزيرة التربية نورية الصبيح، فقال حفظه الله ورعاه من ضِمْن ما قال: «أقول للأستاذة الوزيرة نورية، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وأنت لكريم أصولك وشرف نسبك على قدر هذه المسؤولية»!

لا أدري، ولكن ما أعرفه من مبادئ اللغة العربية أن اللام التي سبقت كلمة «كريم» في كلام الشيخ هي اللام السببية بعينها وليست لاماً سواها، فهل يريد الشيخ أن يقول إن نورية وبسبب كريم أصولها وشرف نسبها صارت على قدر المسؤولية وغدت لذلك أهلاً لرعاية الرعية؟!

أمر غريب! هل يعني ذلك أن معيار كرم الأصل وشرف النسب هو مما يجعل الناس على قدر المسؤولية، وأنهم إن كانوا من الأقل حظاً في معايير كرم الأصل وشرف النسب بحسب معايير المجتمعات، فسيكونون أقل تحملاً للمسؤولية أو حتى ليسوا أهلاً لذلك؟!

أمر عجيب! هل نفهم من ذلك أن الوزراء والوكلاء والمديرين الذين هم من «ساير الناس» ومن «البياسرة» والذين ليسوا من «الأصايل» بحسب معاييرنا هذه الأيام، لا ينسحب عليهم نفس المقياس، ويجب أن يُنظر إليهم من زاوية أخرى باعتبار أن أصولهم وأنسابهم لا تؤهلهم ليكونوا على قدر المسؤولية؟!

أمر رهيب! فماذا نقول في عشرات السُّراق والمفسدين ومن خانوا الأمانة من المسؤولين الذين هم من أبناء كريمي الأصول وشريفي النسب، لماذا لم تعصمهم أصولهم الكريمة ولم يحمهم نسبهم الشريف من اقتراف الخطايا، أم أن هذا دليل على أن في أصولهم شوائب وأخلاطاً، لأن العرق دساس!

يا شيخ، لا أظنك تخالفني في أنه لاشأن لنا كمواطنين في هذا البلد بكريم أصل الوزيرة نورية ولا بشرف نسبها، وقصارى ما يهمنا من أمرها حسن أدائها في عملها ومراقبتها القانون واللوائح الصحيحة في القيام بمهام منصبها. إن أحسنت وأجادت فهذا ما جاءت لأجله وأقسمت بالله عز وجل على القيام به، وإن أساءت وأخطأت لجازَت في حقها المحاسبة وصعود المنصة، ويبقى أصلها على مكانته لا يمس.

أتمنى ألّا يكون الأمر سوى أن «لام» الشيخ ما جاءت سببية، وأنها محض زلة قلم، أو غلطة طباعية مزعجة لا أكثر!

 

back to top