القبيلة... ضحية بعض أبنائها!!

نشر في 02-04-2008
آخر تحديث 02-04-2008 | 00:00
 سعد العجمي

ليعلم جميع المرشحين الذين تحولوا إلى نائحات في «مآتم» القبيلة، أن حقوق أبنائها لا تُنتزع بالشعارت والهتافات، ولا تُكتسب بالخطب على منابر «التمصلح» الانتخابي، فحقوقنا محفوظة، وكرامتنا مصونة بحكم الدستور والقانون، لا بمهاتراتكم، وقد تجاوزنا كأبناء قبائل، مرحلة الانخداع بصيحاتكم، والانجرار خلف دعواتكم.

التصريحات النارية التي أطلقها بعض المرشحين القبليين إثر أزمة احتجاز عدد من أبناء القبائل على خلفية تنظيم الفرعيات، اندرجت جميعها تحت بند «كلمة حق يراد بها باطل»، بعد أن أصبح التباكي على حال «القبيلة» أحد مفاتيح الوصول إلى مجلس الأمة، وهو وضع يكرس مبدأ الاستغلال والانتهازية بصورة فاضحة.

أغلب من سلّوا سيوفهم، وامتطوا صهوات جيادهم، من المرشحين في معركة «القبيلة والقانون» بحثوا عن فلاشات المصورين، وميكروفونات القنوات الفضائية، أكثر من بحثهم عن أجساد من وصفوهم «بأعدائهم وأعداء قبائلهم» لإغماد سيوفهم فيها، بل إن المؤسف في الأمر هو ربطهم بين ما اتّخذ ضدهم من إجراء، وإجراءات وزارة الداخلية في تعاملها مع تداعيات أزمة تأبين مغنية، من خلال إيهام العامة والدهماء بأن القبائل وحدها هي التي يطبق عليها القانون ويمارس ضدها العنف.

مثل هذا الطرح مردود عليه كون وزارة الداخلية ألقت القبض على رجل الدين المعتوق واحتجزته، ومعه النواب السابقون ناصر صرخوه وعبدالمحسن جمال، وعضو المجلس البلدي الحالي فاضل صفر، وهم شخصيات عامة معروفة دينيا وسياسيا، وهو ما ينفي سياسة الكيل بمكيالين التي تشدق بها بعض «متسلقي» سلم القبيلة، مع تأكيدنا أن جميع المواطنين سواسية أمام القانون.

المحزن في تصريحات مرشحي القبائل، وما مارسته بعض وسائل إعلام أخرى، كان العزف على وتر اضطهاد أبناء القبائل كشريحة اجتماعية، لم تحصل على حقوقها أسوة بغيرها من مكونات المجتمع الكويتي، وهي تصريحات أُطلِقت لذر الرماد في العيون من أجل دغدغة مشاعر الناخبين... ياسادة ياكرام من قال إننا كأبناء قبائل نتعرض لتهميش، من قال إننا الحلقة الأضعف في معادلة الحقوق والواجبات الوطنية، وحدهم الضعفاء «منا» يقولون بذلك، وحدهم الاتكاليون يروجون لهذا الأمر، وحدهم السذّج قد ينطلي عليهم هذا الطرح... فإذا كانت طبيعة حياتنا الاجتماعية كـ«أبناء بادية» فرضت علينا نمطاً معيشياً معيناً قبل ثلاثة عقود أو أكثر أدى إلى بطء في تحصيلنا العلمي، فإن الواقع قد تغير والمعطيات قد تبدّلت، فأصبحنا نحمل أعلى الشهادات الدراسية، وتبوأنا المراكز القيادية، أما من استسلم منا لواقعه وانكفأ على نفسه، فهذه مشكلته، وهو من يتحمل تبعاتها.

انظروا إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءه، كم يمثل أبناء البادية من العاملين فيها، تمعنوا في الجسد التعليمي من الابتدائي إلى أساتذة الجامعة وكم يشكل أبناء القبائل من منتسبيه، دققوا في قطاع النفط وهو عصب اقتصادنا لتكتشفوا أنكم الأغلبية فيه، توقفوا عند النقابات ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى لتصطدموا بأنكم عمودها الفقري، والأمثلة هنا أكثر من أن تُحصى، أما من يطالب بأن يكون جميع أبناء القبائل، تجارا، ووزراء، ووكلاء، ونوابا، فهذا إنسان حالم، أنصحه بأن يبقى في حلمه الوردي حتى تصفعه الحياة يوما ما.

على كل لسنا في مجتمع ملائكي، ومثل ما لدينا أخطاء، فغيرنا يخطئ، وقد يستفزنا بمقال هنا أو تصريح هناك يتعرض فيه لأبناء القبائل، وهو واقع المجتمعات المشابهة لتركيبة المجتمع الكويتي، لكن مثل تلك الأخطاء انحصرت في الإطار الفردي لا الجماعي في الحالة الكويتية، لذا فليعلم جميع المرشحين الذين تحولوا إلى نائحات في «مآتم» القبيلة، بأن حقوق أبنائها لا تنتزع بالشعارت والهتافات، ولا تكتسب بالخطب على منابر «التمصلح» الانتخابي، فحقوقنا محفوظة، وكرامتنا مصونة بحكم الدستور والقانون، لا بمهاتراتكم، وقد تجاوزنا كأبناء قبائل، مرحلة الانخداع بصيحاتكم، والانجرار خلف دعواتكم، فابحثوا لكم عن وسيلة أخرى غير «القبيلة» قد توصلكم إلى الكرسي الأخضر.

back to top