الحكومة هي التي لا تحترم الدستور!
السلف وفي نشوة ما ظنوه انتصاراً لجماعتهم، حيث أجبروا الحكومة على الانصياع «أخيراً» لمطالباتهم المتكررة بإخراج المعتوق، تعاموا، أو لعلهم قد جهلوا، حقيقة أن هذا الإعفاء ليس نصراً سياسياً لهم، بل تحايلً وعبث بالدستور.
ليست المشكلة في الحكومة الجديدة، التي هي حكومة الشيخ ناصر المحمد الرابعة، اللهم زد وبارك، انها حكومة هزيلة حتى النخاع، كسابقاتها الثلاث فهذه هي حدود ما كان يتوقع منها، ولكنها تتمثل في أنها تشكلت هذه المرة من خلال الالتفاف والتحايل الصرف على الدستور!إن كان سمو الأمير قد قال كلمته في افتتاح دور الانعقاد الجديد إن «ما شهدناه من خلاف وتجريح واختلاق لأزمات وفتن كان نتيجة عدم احترام النصوص الدستورية وتجاوز الصلاحيات الواردة فيه»، فإننا نقول إن إقالة وزير الأوقاف د.عبد الله المعتوق، أو إعفاءه من منصبه، أيا كان المصطلح الأخف وطأة، هرباً من الاستجواب السلفي، وتدوير بدر الحميضي إلى وزارة النفط هرباً من استجواب ضيف الله بورمية، وكذلك تدوير الشيخ صباح الخالد إلى وزارة الإعلام تحاشياً لاستجواب محتمل قدومه، هو في الحقيقة ليس إلا التفافاً وتحايلاً فاحشاً على الدستور وتعطيلا مباشرا لحق المساءلة النيابية، وهي سوابق إن مرت دون موقف حازم من البرلمان فستفتح باباً سهلاً واسعاً لإفشال أي استجواب برلماني قادم قد لا يروق للحكومة، وليس أسهل من «التدوير» عند جماعتنا! هذا الهروب المثير للغثيان من المواجهة، ناهيك عن كونه عبثاً بالدستور، فإنه كذلك يحمل معه اعترافاً ضمنياً بصدق الاتهامات التي ساقها النواب المستجوبون، وإلا فلماذا يُحرَم المعتوق من حقه الدستوري في الصعود إلى منصة الاستجواب البرلماني لتبرئة ساحته، وهو مَن أعلن استعداده لذلك، خصوصا أن ذمته المالية على المحك؟ ولماذا هُرِب بالحميضي إلى وزارة أخرى بالرغم من كل تصريحاته بضعف محاور استجواب بورمية وقدرته على مواجهتها وتفنيدها؟!الأمر المخزي الآخر في ما حصل هو من الجانب البرلماني، وخصوصاً من النواب الإسلاميين وللأسف، فردود فعل بعضهم حول التشكيل الحكومي الجديد تثير الشفقة.السلف وفي نشوة ما ظنوه انتصاراً لجماعتهم، حيث أجبروا الحكومة على الانصياع «أخيرا» لمطالباتهم المتكررة بإخراج المعتوق، تعاموا، أو لعلهم قد جهلوا، حقيقة أن هذا الإعفاء ليس نصراً سياسياً لهم، بل تحايل وعبث بالدستور، وتناسوا كذلك أن استجوابهم قد احتوى على اتهامات مالية جنائية، والمفترض أنها لا تسقط برحيل المعتوق، فهل المسألة ليست إلا ثأراً شخصياً معه؟ وأما «حدس» فيبدو أن أعضاءها لا يزالون يحافظون على علاقتهم الإستراتيجية بالشيخ ناصر بكل تشكيلات حكوماته المتعاقبة، ولا يزالون يحسبون الأمور بالمقياس الانتخابي، فهم مستمرون بالدعوة الى فتح صفحة جديدة في التعاون بين السلطتين، وكيف لا وهم الرابح الأكبر بالرغم من كل «العبث» الذي يجري! في مقابل هذا كله، فإن التصعيد المنتظر من كتلة العمل الشعبي (حشد)، وممن سيقف معها من النواب الذين سيحسبون الأمور بشكل صحيح وفقاً للاستحقاقات الشعبية الواضحة للمرحلة السياسية الحالية، وربما سيكون منهم مَن انسحبوا مع (حشد) من جلسة أداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية، أقول إن هذا التصعيد المنتظر هو تصعيد مبرر، ولا يدخل في دائرة عدم التعاون بين السلطتين بحسب ما يشيعه بعضهم، لأنه مواجهة برلمانية لازمة للعبث الحكومي المستمر ولتحايلها اليوم حتى على الدستور. كلي أمل أن تدرك كتلة العمل الوطني هذا الأمر أيضاً، وأن تصحح خطأ صمت أعضائها الغريب في جلسة الافتتاح، وألا تنخدع بفكرة أن التشكيل الحكومي الأخير قد احتوى على أسماء ليبرالية كثيرة، لأن حكومة على هذه الشاكلة لا يجب أن يسر أحد أن يشارك فيها!