المديرس: نظام الـ 25 أفرز أمراضاً مزمنة ولا فرق بينه وبين الخمس
القضاء على الفرعيات، تجريم ظاهرة شراء الأصوات والقضاء عليها، إغلاق أبواب الواسطة والمحسوبية... «روشتة» علاج وإصلاح للعملية الانتخابية، صرفها الأستاذ بقسم العلوم السياسية في جامعة الكويت د.فلاح المديرس، إذا أخذنا بها فسوف تسير سفينة العملية الديموقراطية في الاتجاه الصحيح. دعا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.فلاح عبد الله المديرس إلى إشهار الأحزاب السياسية في الكويت وإطلاق التعددية السياسية، وإجراء تنظيم حزبي، وقال إن التغيير الحقيقي في شكل الانتخابات هو في إقرار الكويت دائرة واحدة. وأوضح أن تعديل قانون الانتخاب من نظام الدوائر الخمس والعشرين إلى نظام الدوائر الخمس يمثل حلولا ترقيعية، معتبرا أن الحل الجذري الذي يصب في مصلحة الديموقراطية هو في إقرار الكويت دائرة واحدة. وقال المديرس في حديث خاص لـ«الجريدة»: إن المطالبات بالدائرة الواحدة طرحت في انتخابات المجلس التأسيسي وكان توجه الحكومة آنذاك هو إقرار الـ20 دائرة، لكن الدكتور أحمد الخطيب وعددا من النواب طرحوا نظام الدائرة الواحدة، وتوصل الجانبان إلى حل وسط وهو إقرار الدوائر العشر. معوقات الديموقراطية ورأى المديرس أنه كلما كان عدد الدوائر أكبر انتشرت الواسطة والمحسوبية والطائفية والقبلية والمصالح العائلية وتغليب المصالح الخاصة على المصالح العامة، وكل هذه الأمور تمثل معوقات لتنمية الديموقراطية وتطورها، كما أن هذه السلبيات تعد عائقا أمام الثقافة الديموقراطية لدى المواطن. وأوضح أن الحكومة من مصلحتها الإبقاء على توسيع الدوائر لأنه كلما كان عدد الدوائر كبيرا كان ذلك في مصلحتها لأنها تريد أعضاء يؤيدونها في عمليات التصويت. وأشار المديرس إلى أن الدوائر العشر في فترة المجلس التأسيسي، كان لها مضار وسلبيات، لكنها لم تصل إلى حجم تلك الموجودة حاليا، مثل الطائفية والقبلية والعائلية التي انتشرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، حتى فقد المواطن الثقة في العملية الانتخابية برمتها وأصبح يختار ما يسمي بنائب الخدمات الذي يعمل فقط على انجاز المعاملات، حتى إن كان ذلك من خلال كسر القوانين. وقال إن نظام الدوائر الخمس وعشرين افرز ما يسمى نواب الخدمات الذين أصبحوا أصحاب الشعبية، حيث غابت ثقافة الديموقراطية عند الناخب الذي يعطي صوته لمرشح ينجز معاملات المواطنين فقط، وأصبح نجاح نواب الخدمات سواء في المناطق الداخلية أو الخارجية أمرا مؤكدا. وأضاف انه في ظل أجواء كهذه أصبح نجاح نواب الجماعات السياسية مرهونا بمدى تحالف هذه الجماعات مع السلطة، واستنكر المديرس تصريحا قرأه في إحدى الصحف مفاده أن نائبا «خدماتيا» أنجز نحو 8 آلاف معاملة وهو رقم ضخم يدل على أن هذا النائب متفرغ تماما لانجاز المعاملات وليس لشيء آخر، وهذا ما نشاهده بأم أعيننا في التلفاز أو في الصحف، حيث نواب الخدمات يحملون ملفاتهم لانجازها من الوزراء المعنيين. حل المجلس التأسيسي وأضاف المديرس أن نظام الدوائر العشر لم يف بغرضه فتم حل المجلس بشكل غير دستوري وتم إقرار نظام الدوائر الخمس والعشرين، التي اعتبرها غير دستورية أيضا، وقال إن نظام الخمس والعشرين عزز القبلية والطائفية والعائلية. وعن إقرار الدوائر الخمس وما إذا كانت تقضي على تلك المظاهر السلبية التي برزت في نظام الخمس والعشرين قال المديرس انه لا يعتقد أن إقرار الدوائر الخمس سيحل المشكلة، «فسوف نرى نواب الخدمات أنفسهم سينجحون وسنرى القبلية والطائفية، كما كانت عليه في النظام السابق». وأضاف أن النائب المستقل سوف يجد صعوبة بالغة في الوصول إلى البرلمان في ظل الدوائر الخمس فهو مطالب بزيارة دواوين محافظة بأكملها وهو غير مدعوم من جهة سياسية مما سيؤدي إلى مزيد من الصعوبات عليه. ورأى المديرس أن التحالفات بين بعض القبائل ستكون موجودة حتى في ظل النظام الجديد، واستبعد أن يقضي نظام الدوائر الخمس على المظاهر السلبية التي كانت موجودة في نظام الـ25. وفي سؤال عن ملائمة نظام الانتخابات المتبع في كثير من الدول التي تعتمد نظام المفوضية العليا للانتخابات بالنسبة للكويت، قال المديرس إن اعتماد المفوضية العليا للانتخابات شيء جيد، لكن هناك سؤالا يطرح نفسه في هذا السياق: من الذي سيشكل هذه المفوضية؟ هل ستكون من ممثلين عن الأحزاب السياسية؟ وهل الحكومة هي التي ستشكلها؟ فعلى سبيل المثال مصر كان لديها لجنة عليا للانتخابات، لكنها كانت حكومية، ورأى أن المفوضية إذا كانت مرتبطة بالحكومة فإنها لا تفيد الديموقراطية، لكن المهم والايجابي أن تتمتع هذه اللجنة أو المفوضية باستقلالية وان تكون بعيدة عن سيطرة الحكومة والأحزاب السياسية، «القضية ليست في وجود مفوضية أو في عدم وجودها فجوهر القضية هو حرية ونزاهة العملية الانتخابية وعدم تدخل أطراف فيها وتجريم انتخابات الفرعيات ومحاربة ظاهرة شراء الأصوات والقضاء عليها وتغليب سيادة القانون، فإذا تحقق كل ذلك فالأمر لا يحتاج إلى مفوضية عليا تشرف على الانتخابات». ودعا المديرس إلى القضاء على المحسوبية والواسطة والقضاء على انتخابات الفرعيات وظاهرة شراء الأصوات، وقال إننا إذا فعلنا ذلك فإننا نسير في الاتجاه الصحيح. ورأى انه إذا أخذت الحكومة موقفا جديا من ذلك فسوف تسير العملية الديموقراطية في طريقها السليم والصحيح. مؤكدا أن الحكومة تستطيع تغيير السلوك الانتخابي. ضوابط الصرف وحول مسألة الصرف على الحملات الانتخابية قال المديرس: من يملك سلاح المال هو من سيصل إلى البرلمان، فالمرشح المحدود الموارد المالية لا يستطيع منافسة أصحاب الأموال لان أصحاب رؤوس الأموال يستطيعون تجيير أموالهم لمصلحتهم، وهذا ليس موجودا في الكويت فقط بل في جميع أنحاء العالم. ودعا إلى سن قانون يضبط عمل الحملات الانتخابية مثل تحديد عدد محدد من اليافطات ومساحات متساوية لكل مرشح كي نضمن مبدأ تكافؤ الفرص. واستبعد الدكتور فلاح المديرس أي تغيير في شكل الانتخابات القادمة في ظل تغيير قانون الانتخاب وإقرار الدوائر الخمس لأنه رأى أن « الأمراض» نفسها التي كانت موجودة في النظام السابق ستكون حاضرة أيضا في نظام الخمس مثل شراء الأصوات والفرعيات وغيرهما، لكنه رأى أن التغيير الجذري نحو مزيد من الديموقراطية والنزاهة هو في إقرار الكويت دائرة واحدة.