Ad

أكتب هذا اليوم وأنا أشعر بحرج شديد في الكتابة عن أي شيء أو أي موضوع بشكل يعبر عن رأيي الحقيقي والكامل بكل شفافية، وبالتأكيد خال من أي مديح أو ذم أو لعن، وهذا الأمر ليس وليد البارحة أو في الأسابيع القليلة الماضية، بل هو يلازمني، وأعتقد أنه يلازم كل كاتب عربي ومسلم منذ واقعة الحادي عشر من سبتمبر.

رحم الله دولة الرئيس رشيد كرامي، وأخاف أن أقول «الشهيد» فيشطب مقالي، فقد كانت لديه لازمة كانت تستثيرنا دوماً وكنا نتفكّه في نقلها في حياته، وهي: «لمصلحة ما فيه مصلحة هذا البلد...» إذ كنا نقول ياريته يفسّر لنا أو يشرح لنا أو يفصح لنا مباشرة بمفهوم مصلحة البلد، وأين تكمن حتى يريحنا في فهمها على الأقل كما يريد هو، لكنه ذهب رحمه الله إلى لقاء ربه وهو متمسك بتلك اللازمة!

طبعاً أنا لا أذكره هنا في باب الذم مطلقا، بل فقط من باب تبيان الحال وشرح المقال، فللمرحوم دلائله حتماً في تلك اللازمة، خصوصا أن الزمن الذي عشناه في وقتها لم يكن بعد مصطلح «الشفافية» قد اكتشف وانتشر على نطاق واسع كما هو اليوم!

أكتب هذا اليوم وأنا أشعر بحرج شديد في الكتابة عن أي شيء أو أي موضوع بشكل يعبر عن رأيي الحقيقي والكامل بكل شفافية، وبالتأكيد خال من أي مديح أو ذم أو لعن، وهذا الأمر ليس وليد البارحة أو في الأسابيع القليلة الماضية بل هو يلازمني وأعتقد أنه يلازم كل كاتب عربي ومسلم منذ واقعة الحادي عشر من سبتمبر، ولا أدري هنا ماذا أقول المشؤومة أو......! أيضا حتى لا يشطب مقالي!

وفي الواقع منذ سنين طويلة بل ربما منذ انخرطت في الكتابة أي منذ ما يزيد على ربع قرن من الآن، وأنا أعاني أصلا من مثل هذه الضائقة في الواقع، لكنها تشتد في الآونة الأخيرة وتطبق علي بشكل يكاد لا يطاق ولا يحتمل!

إنها حرب الكلمات والمصطلحات كما سماها بعضهم، وحرب كي الوعي كما سماها بعضهم الآخر!

قبل سنين من الآن اتصل بي مدير إذاعة دولية كنت أعمل فيها، وقال لي بالحرف الواحد: «إننا نتعامل مع عرفات وبيريس على مسافة واحدة، وعليك أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار وإلا لا مكان لتقاريرك في نشراتنا»!

لم أكن أحتمل ذلك طبعا فقدمت استقالتي بعد أيام قليلة فقط، ولكن بعد جلسة عاصفة مع المدير المذكور الذي كنت قد التقيته خصوصا لهذا الأمر في الأشرفية في لبنان الحبيب، لأقول له لا يمكنني المساواة بين الضحية والجلاد!

الفدائي، الشهيد، البطل، المقدام، الشهم، الشجاع، الناسك، العابد، التضامن العربي والإسلامي، المقاومة، الممانعة، العدو، الجهاد... إلخ من المصطلحات أكاد أخاف عليها من الانقراض، بل أكاد أخاف مما هو أخطر وأمرّ كما يقول أحد الصحافيين الخبثاء، بأن يأتي علينا يوم يرشح فيه شيمون بيريس نفسه لأمانة الجامعة العربية أو المؤتمر الإسلامي والعياذ بالله! أو أن تشطب آيات الجهاد والقتال من القرآن الكريم بقرار ليس حكومياً بل صحفياً دفاعا عن الموضوعية أو الحياد مثلا... لا سمح الله، ولا أبقانا الله أحياء لمثل ذاك اليوم المنحوس!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني