Ad

تساءلت عن أسس اختيار نجوم رمضان لما يقدمونه في برامجهم الدينية، وابتعادهم عن مشاكل المجتمع الفعلية، مقابل تركيزهم على الشواذ والسحر والخمور، كونها قضايا استثنائية مقارنة بالعلاقة المتوترة بين المواطن والدولة وعدم ثقته بأجهزتها.

أطل علينا خلال موسم رمضان الجاري عبر الشاشات الكويتية نحو عشرة وعاظ كويتيين، توجهوا ببرامجهم للمشاهد الكويتي، إلا أن مشاكل المجتمع الكويتي كانت هي الغائب الأكبر.

شخصياً حاولت المقارنة بين كثافة الوعاظ وبرامجهم وما نعانيه على الصعيد الاجتماعي، إلا أنني لم أوفق، فنحن مثلاً يقلقنا هاجس الاقتراض المتزايد والجري وراء الكماليات والمظاهر، كما يقلقنا ارتفاع نسبة الطلاق وعلى الأخص بين حديثي الزواج من صغار السن، ويقلقنا أيضا عدم تطبيق المواطن والمقيم للقانون على حد سواء، إلا أن هذه القضايا لم تجد لنفسها مكاناً على خارطة برامج الوعظ الديني الرمضاني، وكأنها ليست موجودة.

في مجتمع ينتشر فيه السلاح الأبيض بين الشباب، ولا يقبل طلبة الجامعة بالآخر، والمعاملات الحكومية يقتلها الروتين وتجهز الواسطة على ما تبقى منها، وتنتشر الانتخابات الفرعية في الجمعيات التعاونية والمدارس الثانوية والاتحادات الطلابية داخل الكويت وخارجها بدعم من السلطة التي غيَّبت نفسها عما يجري، من غير المعقول أمام هذا كله ألا نجد واعظاً يتحمل مسؤوليته الوطنية ويتطرق لهذه القضايا.

عدت وقلّبت جهاز التحكم عن بعد متنقلاً بين القنوات، راقبت ازدياد برامج الوعظ الديني وتألمت مقابلها من تنامي انعدام المسؤولية واللامبالاة والتمارض بين موظفي الدولة، ومطالبات المواطن المتزايدة ليحصل على مزيد من الامتيازات من الدولة من دون أن يقابلها أي مسؤولية وطنية، وجميعها أيضا كانت غائبة عن نجوم الوعظ الموسمي.

تساءلت عن أسس اختيار نجوم رمضان لما يقدمونه في برامجهم الدينية، وابتعادهم عن مشاكل المجتمع الفعلية، مقابل تركيزهم على الشواذ والسحر والخمور، كونها قضايا استثنائية مقارنة بالعلاقة المتوترة بين المواطن والدولة وعدم ثقته بأجهزتها.

حقا احترت بالإجابة، وتمنيت ألا تكون بسبب تفضيلهم أقصر الطرق للشهرة وأبعدها عن وجع الرأس، حتى لو تخلل ذلك قليلا من المبالغات أو التهويل الثقيل علينا وعليهم!