خذ وخل: مرشحو الدائرة السادسة

نشر في 26-03-2008
آخر تحديث 26-03-2008 | 00:00
 سليمان الفهد

يبدو أن هناك انطباعا شعبيا يحسب أن الدوائر الخمس التي ولدت من رحم إرادة شعبية وطنية، تنطوي على قدرة سحرية تمكنها من اختيار نواب يختلفون عن النواب السابقين، بقدرة قادر! ويتمادى بعضهم كثيراً في الشطح الطافح بالتفاؤل الجاهز المجاني، إلى حد تصور الدوائر إياها بمنزلة عصا موسى عليه السلام.

* هل أتاك خبر الدائرة الانتخابية السادسة؟! ستقول لي: وهل ثمة دائرة سادرسة، بينما المعلن رسمياً هو: خمس دوائر فقط لا غير؟! الحق أنها حاضرة، ويمكنك اكتشافها من خلال مرشيحها الذين يقتحمون ميدان الانتخابات من دون عدة ولا عتاد ولا شعارات نظرية، ولا شيء البتة! حسبهم أنهم كويتيون، وبحوزتهم شهادة الجنسية، وشهادة لا إله إلا الله، ونية التوكل على الله سبحانه وتعالى! واحد منهم، أرسل لي رسالة نصية «SMS» من فجر الله، خلتُ معها أنه يستخدم ناطوراً خاصاً لأداء هذه المهمة الدعائية المبكرة، ولا بأس عليّ من التوقيت المبكر، لأن الشياب -بطبعهم- يفيقون باكراً، لكن الذي أثار حفيظتي ودهشتي هو: مضمون الرسالة النصية الطافحة بلغة الاستجداء الفج التي يلوكها الشحاذون الذين يجوبون الأسواق، ويتسكعون في الشوارع هاتفين: لله يا محسنين! وهي -كما ترى- مفارقة غريبة تثير الأسى والضحك معا! ففي حين أن «الموبايل» أداة اتصال وتواصل متطورة وحداثية جدا، تجد صاحبه متخلفاً خاوي الوفاض! وقد أرسلت جواباً على رسالة الاستجداء بقولة: الله يعطيك... مثلما أفعل حين يلاحقني شحاذ محترف أحسبه لا يستحق النفحة والمقسوم!

* ويبدو أن الدوائر الخمس سترينا بعض العينات من المرشحين الذين يراهنون على الحظ، ودعاء الوالدين، ولجنة الرأفة التي تخبرونها في لجان امتحانات المدارس المتوسطة والثانوية!

والعبدلله لا يخفي عجبه وإعجابه بهذه الفصيلة من المرشحين الغاوين، لكنهم يغامرون ويقامرون بإهدار خمسين ديناراً في كل انتخابات جديدة ولا يحفلون بضياعها من جراء فشلهم المتوقع، ربما لأنهم يعولون على استجداء المرشحين المنافسين الذين قد يطلبون منهم الانسحاب نظير عطية سخية أو متواضعة... لا فرق! لكن ذلك لا ولن يحدث أبداً، لأسباب جلية لا تخفى على المرشحين والناخبين! إن تكتل «توكلت على الله» حاضر في جميع الانتخابات البرلمانية والبلدية والجمعيات التعاونية، وبات من معالم الديموقراطية الكويتية الفتية، واللهم لا اعتراض ما داموا يستخدمون حقهم الدستوري المشروع، ولا يبالون بإهدار مالهم الخاص بشجاعة فذة وروح رياضية يُغبطون عليها! ولو عنَّ لك سؤال أحدهم: ماذا بعد الاتكال على الله سبحانه وتعالى؟ فلن تسمع منه سوى الغمغمة واللجلجة اللتين تشيان بالنفس الكويتية الأمارة بالترشّح من دون سبب ولا مقدرة سياسية... ولا غيرها! حسبه أنه مواطن بالتأسيس، ومتوكل على الله، فقط لا غير!

* ولعله من فضول القول: التنويه بأن خوض الانتخابات النيابية -وغيرها - تستوجب حدا أدنى من الخبرة والمعرفة، والقدرات الفكرية والسياسية، والعدة والعتاد، وكل ما يفضي إلى عمارة الأرض وتنمية البلاد والعباد. لكن أعضاء كتلة المتوكلين يتعامون عن كل ما نوهت به آنفاً! وكنت أتمنى عليهم ماداموا افتتحوا معركتهم الانتخابية بالتوكل المتواكل، أن يزأروا بصوت واحد إثر نهاية الانتخابات، بقولة: أستغفر الله! ويبدو أن هناك انطباعا شعبيا يحسب أن الدوائر الخمس التي ولدت من رحم إرادة شعبية وطنية، تنطوي على قدرة سحرية تمكنها من اختيار نواب يختلفون عن النواب السابقين، بقدرة قادر! وكأن الدوائر الجديدة تضاهي «تاكسي الغرام» إياه... الذي يقرب البعيد، و«يبدون» المرشحين الحضر وبالعكس! ويتمادى بعضهم كثيراً في الشطح الطافح بالتفاؤل الجاهز المجاني، إلى حد تصور الدوائر إياها بمنزلة عصا موسى عليه السلام، التي تلقف ثعابين الخصوم المنافسين، ولا تُبقي ولا تذر سواهم في ساحة الانتخابات الحبلى بالاحتمالات والمفاجآت!

ومن المؤكد أن هذه المفاجآت المنتظرة لن تكون لمصلحة تحالف المتوكلين المتواكلين هذا الحين.. ولا حين تحج البقر على قرونها!! وسنجد أخيراً بأن الغاوين المتواكلين ستدور عليهم الدوائر، وتزأر في أذني كل واحد فيهم: خليك في البيت مع العيال وأمهم الذين يستاهلون الخمسين ديناراً أكثر من وزارة الداخلية! أعرف سلفاً وإخواناً... إن شئت... أن لا حياة لمن تنادي... وهذه استجابة متوقعة يتبدى فيها التشبث بموقف العزة بالإثم! وقد أعذر من أنذر.

back to top