لبنان... أي حوار؟!

نشر في 22-04-2008
آخر تحديث 22-04-2008 | 00:00
 صالح القلاب

قيل إن من أراد حلاًّ فعلياً لموضوع لبنان فعليه أن يجمع الرأس السعودي والرأس السوري على مخدة واحدة، وهنا فإن الهدف هو إظهار أنه إذا كان لسورية جماعتها في لبنان فإن للمملكة العربية السعودية جماعتها... وحقيقة إن هذا غير دقيق وغير صحيح، فالرياض بالتأكيد لها أصدقاء ومحبون في هذا البلد العربي لكن ليس لها دولة داخل الدولة اللبنانية.

لا جديد بالنسبة للأزمة اللبنانية وسيتأجل انتخاب رئيس جديد مرة أخرى، وقد لا ينتخب هذا الرئيس الجديد على الإطلاق، وسواء أكان قائد الجيش ميشيل سليمان أم غيره، فالمؤامرة تقتضي إغراق لبنان في الفراغ، فراغ بالنسبة لرئاسة الجمهورية وبالنسبة للسلطة التشريعية «البرلمان» وبالنسبة لقيادة الجيش ورئاسة مجلس الوزراء. وعندها فإن الفوضى ستعم والحرب الأهلية ستعود و«الأمن المستعار» سيصبح مطلوباً حتى من قبل إسرائيل والولايات المتحدة ومن قبل العرب والعجم.

غَضِبَ أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى لأن بعضهم شكك في إمكان نجاحه في تسويق المبادرة التي حملها إلى لبنان باسم العرب كلهم، حتى بما في ذلك سورية، وهو كان متفائلاً أكثر من اللزوم، وقد دفعه تفاؤله إلى زفِّ البشرى للفلسطينيين بأنه سينتقل إلى أزمتهم قريباً بعد الانتهاء من الأزمة اللبنانية، لكن «ما كل ما يتمنى المرء يدركه» فها هي الشهور تمضي متلاحقة وكل شيء لايزال على ما هو عليه، بل إن الأمور ازدادت تداخلاً وتعقيداً.

إن مشكلة الأمين العام أنه صدَّق ما قيل له سواء في بيروت أو في دمشق أو أنه تظاهر بالتصديق، وأفرط في التفاؤل الخادع الذي بقي يطارده كما يطارد العطشان سراب الصحراء من دون أن يقترب منه أو يمسك به، في حين أنه كان عليه أن يدرك أن الحل ليس في يد نبيه بري ولا ميشيل عون، ولا حتى «حزب الله»، الذي هو سبب هذا المأزق الذي يعيشه لبنان، إنما في يد طهران أولاً وفي يد دمشق ثانياً، وأن من أراد البحث عن الحلِّ الحقيقي فعليه أن يذهب إلى العاصمة الإيرانية ثم إلى العاصمة السورية.

قالت سورية من خلال وزير خارجيتها للأمين العام إنها مع المبادرة العربية وإنها ستعينه على تسويقها، وهي قالت في الوقت نفسه لحلفائها في لبنان إن عليهم أن يواجهوا هذه المبادرة باشتراطات تعجيزية لإحباطها، من بينها التمسك بصيغة «العشرة والعشرة والعشرة» بالنسبة لتشكيل الحكومة الجديدة، وعندما ذهب عمرو موسى إلى دمشق قيل له ما قيل لاحقاً في بيان القمة الأخيرة وهو: «إن الحل في يد الأطراف اللبنانية المختلفة، وإن من أراد حلاًّ فعليه أن يذهب إلى هناك»!

وأيضاً قيل للأمين العام وللعرب والعجم وللغرب والشرق إن من يبحث عن الحل في دمشق يريد دفعها للتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية (يا للعجب... والعياذ بالله) ثم قيل إن من أراد حلاًّ فعلياً فعليه أن يجمع الرأس السعودي والرأس السوري على مخدة واحدة، وهنا فإن الهدف هو إظهار أنه إذا كان لسورية جماعتها في لبنان فإن للمملكة العربية السعودية جماعتها... وحقيقة إن هذا غير دقيق وغير صحيح فالرياض بالتأكيد لها أصدقاء ومحبون في هذا البلد العربي لكن ليس لها دولة داخل الدولة اللبنانية ولا ميليشيات مسلحة ولا خلايا استخبارية كامنة ونائمة ولا غول محكمة دولية تريد الالتفاف عليه قبل أن يهاجمها في عقر دارها.

بعد القمة الدمشقية الأخيرة جرى استدعاء نبيه بري، الذي أغلق البرلمان اللبناني الذي هو رئيسه ووضع المفتاح في جيبه، وأُبلغ بأن عليه أن يعيد القضية إلى نقطة الصفر، وأن عليه أن يذهب إلى مصر وقطر وإن أمكن إلى المملكة العربية السعودية ليروج للعبة العودة إلى الحوار المتوقف بين الأطراف اللبنانية المختلفة وهذا هدفه إظهار أن الأزمة هي أزمة لبنانية داخلية وأن حلها بيد اللبنانيين أنفسهم، وأن سورية بريئة من هذا الأمر براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

إنها مسألة تلاعب وتشاطر، ولقد حمل نبيه بري معه في جولته العربية الأخيرة هذه حكاية أن الحل لبنانيٌ-لبناني وأنه من أجل أن يكون هناك حلٌ قريبٌ فإنه لابد من العودة إلى الحوار المتوقف بين الأطراف اللبنانية... وهذه محاولة مكشوفة لتغيير الموضوع وتغيير المسار، فالموضوع هو التدخل السوري-الإيراني الأكثر من سافر في الشأن اللبناني الداخلي، ولذلك فإنه لا حلول إذا لم تحل العقدة الإيرانية-السورية.

* كاتب وسياسي أردني

back to top