صرح الأستاذ الفاضل خالد السلطان العيسى الأمين العام للتجمع الإسلامي السلفي لإحدى الصحف بتاريخ 23/3/2008 «بضرورة تعاون الكتل السياسية النزيهة التي تحرص على تنقية العملية الانتخابية من الشوائب، مشيراً إلى أهمية تشكيل لجان شعبية لمراقبة المال السياسي المستخدم من قبل بعض الجهات المتنفذة والجهات شبه الرسمية».

Ad

وبودي هنا أشد على أيادي الأستاذ الفاضل خالد السلطان وأؤكد على ضرورة تعاون القوى السياسية لتنقية العملية الانتخابية من الشوائب، وأحدها استخدام المال السياسي في الانتخابات الذي بدأ الحديث يكثر حوله في جميع الدوائر الانتخابية وإن بدرجات متفاوتة، كما أود هنا أيضا أن أسأل الأستاذ خالد عن الانتخابات الفرعية القبلية والطائفية التي يشارك بها ويرعاها التجمع الإسلامي السلفي جنبا إلى جنب مع جماعة الإخوان المسلمين «حدس»، ألا تعتبر هذه أيضا من شوائب العملية الانتخابية؟ أليست هذه من الوسائل غير الديموقراطية؟ ثم كيف تقبل تجمعات سياسية من المفروض أن تؤمن بالديموقراطية، بتصفيات عرقية وطائفية تفتت المجتمع وتزيد من النعرات القبلية الجاهلية؟ أليس المفروض أن تطرح التجمعات السياسية برامجها الانتخابية ثم تترك للناس حرية الاختيار؟ ألا يعتبر ترشيد العملية السياسية والانتخابية من المسؤوليات الوطنية التي يجب أن تقوم بها القوى السياسية المؤمنة فعلا بالديموقراطية؟ وأخيراً، هل هنالك علاقة ما بين نشوء وانتشار الأحزاب السياسية الدينية والانتخابات الفرعية القبلية والطائفية؟

الانتخابات الفرعية والتصفيات الحزبية الديموقراطية

يخلط بعضهم بشكل متعمد بين الانتخابات الفرعية القبلية والطائفية التي تجري في الكويت هذه الأيام وبين التصفيات الأولية التي تجريها الأحزاب السياسية سواء محلياً أو خارجياً. فما الفرق يا ترى بين التصفيتين الحزبية والقبلية/الطائفية؟

لكي نتوصل إلى إجابة سريعة عن هذا السؤال لابد أن نعرف بإيجاز الفرق بين نظام الحزب في البلدان الديموقراطية ونظام القبيلة/الطائفة كالتالي:

أولا: من ناحية نظام العضوية أو الانتساب: في النظام الديموقراطي تعتبر عضوية أي حزب اختيارية ومفتوحة للجميع حيث باستطاعة أي مواطن بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه أو أصله وعرقه أو مذهبه أن ينتمي إلى الحزب، فتجد مثلا أن المسلم والمسيحي والبوذي واليهودي ينتمون إلى حزب العمال البريطاني أو إلى الحزب الجمهوري في أميركا. مع ملاحظة أن أفراد أقلية محددة «ذوي الأصول العربية أو الإيرلندية مثلا» قد يتوزعون على أكثر من حزب حسب إيمان كل منهم ببرنامج الحزب الذي يؤيده. كما أن بعض الأشخاص قد ينتقل من عضوية حزب ما «الديموقراطي أو العمال مثلا» إلى عضوية حزب آخر معارض لحزبه السابق «الجمهوري أو المحافظين مثلا». أما الانتماء للقبيلة أو للطائفة فهو محصور بذوي العرق الواحد أو المذهب الواحد. ولا يمكن الانتقال من قبيلة إلى أخرى أو من طائفة إلى أخرى!

ثانيا، من ناحية البرنامج: انتماء الأعضاء إلى أي حزب في النظام الديموقراطي يكون بناء على الإيمان بما يطرحه هذا الحزب من رؤى وبرامج سياسية، لذا تجد تعدد برامج الأحزاب. ويقوم الحزب بعمل تصفيات أولية على أسس ديموقراطية لاختيار أفضل المرشحين من بين أعضائه لتولي تنفيذ برنامجه الانتخابي والسياسي في حال نجاحه. ويؤخذ في الاعتبار هنا التمثيل المناسب لجميع مكونات الحزب من خلال إجراءات وأساليب ديموقراطية دقيقة تضمن حسن تمثيل الجميع بما فيها الأقليات وتعكس مطالبها في برنامج الحزب الذي سيخوض به الانتخابات العامة. وبالطبع هنالك تيارات وأجنحة مختلفة في كل حزب ديموقراطي تتصارع داخليا حول السياسات والبرامج التي سيتبناها الحزب، وسيقوم الناخبون في النهاية بالتصويت للحزب الذي يرون أن برنامجه الانتخابي يحقق مطالبهم. وقد يترتب على ذلك انضمام المزيد من الأعضاء للحزب أو العكس.

إذن نظام العضوية في القبيلة أو الطائفة غير مفتوح لمن يريد كما هي الحال في الحزب وبالتالي فحرية الاختيار، كقيمة ديموقراطية، غير متوافرة هنا. كما لا يمكن أن تطرح القبيلة أو الطائفة برنامجاً انتخابياً لعموم الناخبين لأنهما لا تسمحان لهم، بعكس الأحزاب السياسية، بالحق في العضوية وبالتالي الحق في صياغة هذا البرنامج وتضمينه مطالبهم.

ومن هنا يتبين لنا الفرق الشاسع بين تصفياتهم و«الفرعيات» التي تجري عندنا هذه الأيام والتي هي في الحقيقة ضد مصلحة أبناء القبيلة لأنها تؤدي إلى تسييس القبيلة وإنهاء دورها كمنظمة اجتماعية لها احترامها.