البدون ينتحرون!!
الأوضاع الإنسانية التي يمر بها البدون صعبة جداً، وعملية العزل الاجتماعي المتراكمة تؤدي، ضمن ما تؤدي إليه، إلى المأساة المفزعة التي أدت ربما إلى انتحار شاب من البدون أخيراً. فقضية البدون هي قضية إنسانية قبل أن تكون سياسية أو أمنية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية، وعندما نتفق على إنسانية المدخل فإن القضايا الأخرى كافة تصبح مجرد تفاصيل ممكن التفاهم بشأنها.
لا أعرف إلى متى ستظل قضية البدون تعالج بعيداً عن الجدية والاحساس بالمسؤولية الإنسانية والرؤية الوطنية الشاملة؟ ولا أعرف إلى متى سيظل الموضوع يتم عزفه كنغمة نشاز تسبب إزعاجاً للمشاهد والمستمع على حد سواء؟ ولا أعرف إلى متى تظل القضية بين شد وجذب كحوار طرشان؟وفي إطار هذا الجدل غير المجدي يتم خلط أوراق موضوع البدون مع موضوع التجنيس بالمطلق، ثم ينتقل الخلط إلى الولاء فالانتماء، ثم ننتقل لأمن البلد، ثم النسيج الاجتماعي، كل ذلك الخلط للإفلات من الحقيقة العارية، وربما المؤلمة، بأن قضية البدون هي قضية إنسانية قبل أن تكون سياسية أو أمنية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية، وعندما نتفق على إنسانية المدخل فإن القضايا الأخرى كافة وأبعادها وتبعاتها تصبح مجرد تفاصيل ممكن التفاهم بشأنها. ويفترض المدخل الإنساني الإنهاء الفوري ودون مقدمات لأشكال وألوان المعاناة الإنسانية والمعيشية كافة لفئة البدون والتعامل معهم كبشر لهم كرامة وبالتالي العودة إلى الوضع السائد قبل سنة 1985، وهو أمر لا يحتاج إلى قوانين جديدة ولكنها قرارات إدارية عاقلة واعية لفداحة المعاناة، ويتبع ذلك الأمر منح المستحقين الجنسية، ومراجعة أوضاع البقية بصورة تدريجية.إن الأوضاع الإنسانية التي يمر بها البدون صعبة جداً، وعملية العزل الاجتماعي المتراكمة تؤدي، ضمن ما تؤدي إليه، إلى المأساة المفزعة التي أدت ربما إلى انتحار شاب من البدون أخيراً، ولكم كنت أود التعامل مع افتراض حادثة الانتحار في جانبها الرمزي فقط، ولكنها للأسف حادثة واقعة وهي ببعدها الواقعي تلخص المعاناة وتختزلها، نسأل الله العفو والمغفرة، فالأمر خطير، بل أخطر من أن يُترك للزمن، والمعاناة واضحة، ولكن الناس قلوبها باردة، ومشغولة بالقروض والخمسين ديناراً.* غوانتنامو وزيارة الرئيس بوشيقوم الرئيس جورج دبليو بوش بزيارة للكويت والمنطقة، والزيارة تأتي في إطار أجندة واسعة للتعامل مع ما بعد مؤتمر «أنابوليس»، ومحاولة استجماع القوى لإحداث تحريك ما لملفات راكدة، لكن لعل مناسبة هذه الزيارة تجعلنا نطرح ملف المعتقلين الكويتيين الأربعة في معسكر غوانتنامو، فمن خلال الأنشطة الدولية الداعية والساعية لإغلاق معسكر غوانتنامو والحملات المستمرة التي نظمتها منظمة العفو الدولية أو هيئة الخبراء الدوليين المستقلين التابعة للأمم المتحدة، وجدنا هناك استعداداً أكثر مما مضى لدى الإدارة الأميركية للتخلص من المعضلة الخاصة بالمعسكر بصورة نهائية خصوصاً أن مدخلنا لهذه القضية هو مدخل إنساني بحت، وليس الهدف منه التنديد والشجب وإنما إنهاء المحنة الإنسانية المستمرة، ويأتي في هذا الإطار مطالبتنا إنهاء محنة المعتقلين الكويتيين الأربعة فايز الكندري وفوزي العودة، وخالد المطيري وفؤاد الربيعة بموجب الاتفاق الذي تم مع الحكومة الكويتية ولتنتهي معاناتهم ومعاناة أسرهم. ويؤسفنا جداً أن الحكومة الأميركية قد أفرجت وأعادت المئات من معتقلي غوانتنامو إلى دولهم ولازالت تستثني الكويتيين الأربعة، فلعل زيارة الرئيس بوش إلى الكويت تكون نهاية وإغلاق هذا الملف.