ابتسم... أمامك فرعية!
هل سمعتم يا سادتي بالانتخابات الفرعية العنقودية؟ طبعا لا فهذه من اختراعنا ولعلنا سنسجل براءة اختراعها قريبا. وهل سبق لكم أن أجريتم الانتخابات والتصويت في الكويت إلكترونيا؟ طبعا لا فنحن سبقناكم إلى ذلك. وهل سبق لانتخاباتكم العامة أن صار فيها التزام بالمشاركة كالتزامنا في الانتخابات الفرعية؟ طبعا لا. إننا محترفون يا سادة!
أنا من المؤمنين بأن معالي وزير الداخلية، الشيخ جابر الخالد من أفضل الوزراء الحاليين، أقول هذا لأنه قد سبق لي أن جلست مع الرجل وتحدثت معه عن قرب على هامش قضية البدون، وتابعته كذلك إعلاميا على صعيد قضايا عديدة، فوصلت بعدها إلى قناعة بأنه من الذين يمتلكون وإلى حد جيد جدا، الإرادة لتقديم شيء حقيقي ومفيد من خلال منصبه، وممن يمتلكون القدرات الذاتية لذلك، لكن الإنجاز وبحسب ما هو معروف، يحتاج إلى عامل ثالث بالإضافة إلى عاملي الإرادة والقدرات الذاتية، فهو بحاجة إلى توافر البيئة الصالحة والمساعدة لتحقيق الإنجازات أيا كانت.أتصور أن الوزير الخالد لو كان وُجِد في بيئة وزارية صحية، تسمح للوزراء بإطلاق طاقاتهم الكامنة واستغلال قدراتهم، ولا تحبسهم في خانة القرار المركزي فتجردهم من الكثير من صلاحياتهم، لكان من الأفضل إنجازا ومن الأبرز حضورا.لكنني، وقد قلت ما قلت، عجزت عن فهم مغزى تصريح معاليه منذ أيام حين صرح بأنه قد تجول في الدائرة الخامسة ولم يشاهد أي مظاهر للانتخابات الفرعية! لا أدري هل كان يتصور الشيخ الخالد أنه سيشاهد الناس تتجول في الشوارع والأزقة وهي تتعاطى الفرعيات مثلا، أم أنه سيشاهد يافطات وقد كتب عليها (ابتسم، أمامك فرعية)!اعذروني يا جماعة، وليعذرني معالي الوزير، ولكن أرجو ألا يكون في تصور أحد أن المناطق الخارجية تشابه بشكل من الأشكال الأحياء العرقية في أميركا، كأحياء السود والمكسيكيين أو ما شابه، حيث من المألوف مشاهدة المتسكعين والمخالفين والمارقين منثورين على جوانب الطرقات! لا يا سادة، نحن مثلكم، مناطقنا كمناطقكم، إلى حد بعيد، صحيح أن لدينا ديوانيات مخالفة أكثر، ربما بسبب ضيق أحجام بيوتنا، وصحيح أن لدينا شباباً يمارسون هواية «التشفيط» لعدم وجود الرقيب الأمني والمتابع الجاد، وصحيح أن لدينا ظاهرة إطلاق الرصاص الحي من الأسلحة الرشاشة ليتساقط على رؤوس الخلائق وذلك بحسن نية من أجل التعبير عن الفرح في حفلات أعراسنا وما شابه، وصحيح أن لدينا اكتظاظا سكانيا كبيرا بالمقارنة مع دوائر أخرى ومع ذلك بقي عدد نوابنا في البرلمان أقل ولا ندري كيف ولماذا، وصحيح وصحيح، إلا أننا نبقى في النهاية نشابه بقية أهل الكويت، بل لعلنا نتفوق في جوانب معينة، فنحن نمتلك من الذكاء ما يجعلنا إن أردنا تعاطي الانتخابات الفرعية أن نموه ذلك بشكل جيد، وأن نخفي آثارنا بطريقة محترفة.ألا ترون معي كيف باءت كل محاولات وزارة الداخلية بالفشل لتجريمنا عبر السنوات الطويلة، بل خرج كل من جرى اتهامهم منا على خلفية هذه القضايا يلوحون بحكم البراءة؟ بل ألا ترون كيف صار بعضنا ممن وصلوا إلى البرلمان على ظهور الفرعيات وزراء ومقربين من السلطة، وكيف أن بعضهم، والعهدة على من روى، يخططون لخوض الفرعيات مجددا على عينك يا «تاجر»، لأنهم يؤمنون أن مكانتهم في وجدان الحكومة محفوظة؟!هل سمعتم يا سادتي بالانتخابات الفرعية العنقودية؟ طبعا لا فهذه من اختراعنا ولعلنا سنسجل براءة اختراعها قريبا. وهل سبق لكم أن أجريتم الانتخابات والتصويت في الكويت إلكترونيا؟ طبعا لا فنحن سبقناكم إلى ذلك. وهل سبق لانتخاباتكم العامة أن صار فيها التزام بالمشاركة كالتزامنا في الانتخابات الفرعية؟ طبعا لا. إننا محترفون يا سادة!والآن وقد أثبت لكم بأننا نتفوق عليكم في لعبة الانتخابات وفي إدارة تكتيكاتها واحتراف أساليبها، ألا تعتقدون أنكم تقللون من قيمتنا حين تظنون أنكم ومن خلال جولة في دوائرنا سترون شيئا مريبا؟! سامحكم الله فقد جرحتم مشاعرنا.على أي حال، يسعدنا مع ذلك أن يستمر معالي الوزير في جولاته إن أحب، ونتمنى كذلك توفير أفراد من الشرطة لتنظيم المرور أثناء انعقاد الانتخابات الفرعية لبقية القبائل خلال الأيام القادمة، وكل فرعية وحكومتنا بصحة وسلامة!