Ad

يا جماعة الخير: امنحوا الدوائر الخمس فرصة الممارسة والتجربة، وهي من حقها، ومن واجبنا، لاسيما أننا مازلنا نحبو في «براحة» الديموقراطية، وما برحنا في فجرها الأول، وهذه العقود التي انقضت لا تعد شيئاً في عمر الشعوب والأمم.

بادئ ذي بدء أعترف بأني من مريدي الدوائر الخمس، والداعين إلى منحها فرصة أن تعيش عمرها الزمني الافتراضي المقدر لها، ذلك أن ذمها وتشريحها بمشرط النميمة؛ لمجرد كونها لم تتناغم مع حسابات العديد من المرشحين؛ ليس من الديموقراطية في شيء! ويبدو لي... وأنا أتابع المقالات والتصريحات بشأنها أنها باتت كقولة المثل الشعبي «بغيناها طرب... صارت نشب»، ربما لأننا متسعجلون بطبعنا... بدليل أن بعضنا ضاق «بأم خمس» وطفق يطالب بالدائرة الواحدة، بينما صاحبتنا المفترى عليها، لم تجرب وتوضع على محك الاقتراع الديموقراطي الحر! وما يثير حيرتي وغرابتي حقاً أن عشيرة البرتقاليين الذين بُحّت أصواتهم بهتاف «نبيها خمس»؛ لم يحركوا ساكناً للدفاع عن مطلبهم الوطني الذي تحقق بعد «نضال» صوتي مسالم عالي النبرة، حسن الطوية، يبدو أن غايته هي إزاحة الدوائر الانتخابية السابقة ليس إلا! وفي ظني أن البلية لا تكمن في الدوائر فحسب بل في قاطنيها! والأنكى هو إمكانية تعديل الدوائر بجرة مرسوم، ولكن تغيير ونفي النعرات القبلية، والمذهبية، وغيرهما لا يمكن أن يتم بقرار أو بمرسوم لسوء حظنا! لكنه يحتاج إلى وقت طويل مترع بجهاد النفس الأمارة بالرشوة، والانتخابات القبلية الفرعية، وكل أمراض الانتخابات البرلمانية على الطريقة الكويتية، كما يعرف الجميع بداهة! لكن هذه البداهة غالبا ما نتناساها؛ لأمر يحتاج إلى تشخيص عالم مختص بعلم النفس الاجتماعي، وقادر على سبر غور هذه «الفصيلة» التي تروم تغيير الكون، وفق صيغة حرق المراحل، والقفز على حواجز التخلف، بمنأى عن أي موقف فاعل... سوى فعل اللسان!

* إن الدعوة إلى أن يكون فضاء الانتخابات دائرة واحدة تحضن المرشحين والناخبين كافة، قديمة سبق لبعض الناشطين السياسيين المطالبة بها، ولا اعتراض على تواصلها بإلحاح دؤوب، شريطة ألا يتم ذلك على جثة «أم الخمس» التي باتت كاللقيط الذي لا والد له! أو إن شئت: كما الصعلوك الذي تخلعه القبيلة لإتيانه بأمر لم يرق لها!

يا جماعة الخير: امنحوا الدوائر الخمس فرصة الممارسة والتجربة، وهي من حقها، ومن واجبنا. لاسيما أننا مازلنا نحبو في «براحة» الديموقراطية، وما برحنا في فجرها الأول، وهذه العقود التي انقضت لا تعد شيئاً في عمر الشعوب والأمم، لست في هذا السياق أعتمر عمامة الواعظ، باعتبار أن الشيطان لا يعظ! الشاهد أن المرشحين من بني آدم وحواء الكويتيين؛ مطالبون بمعاملة «الخمس» بما يليق بها من احتفاء وقبول يتسم مع إيقاع «نبيها خمس» الذي ما برح دويه يلعلع في جنبات ساحة الإرادة، ومازال رجع صداه يتداعى إلى الذاكرة الجمعية.

بعبارة أخرى أقول إن الممارسة ستمكن الجميع من معرفة إيجابياتها وسلبياتها بداهة. لكن الجدل في البديهيات بات من عاداتنا الوطنية اليومية العريقة! تقول لواحدهم: هذا ثور فيقول دون أن يرف له جفن غية الجدل وفتنته: احلبه وإن كان ثوراً!، ولو فعلت لنطحني وأرداني قتيلاً غير مأسوف على شبابي؛ جزاءً وفاقاً لجرأتي على إهانة ثوريته! والعبد لله نفسه سعيد بحضور مولاتي «أم خمس» أطال الله في عمرها، لكونها وسعت دائرة الاختيار في منطقتي الانتخابية؛ التي كان يستحوذ عليها لون واحد من ألوان الطيف السياسي الذي لا شريك له! ولأني مواطن مؤدب؛ وبيتنا على شارعين، وديواني داخل حدود المنزل، فلن أذكر اسم هذا الطيف ولا لونه! صحيح أني أكاد أكون نقيضه، لكني أحترم حضوره ضمن سياق اللعبة البرلمانية الانتخابية، ولا يعنيني في هذا السياق الخوض في ما إذا كان انخراطه: تقية أو تكتيكاً، أو أي ممارسة تتصل بالنوايا والغايات المستترة والمعلنة! لأنه شأن الكتاب المختصين! ومع ذلك: تجد جل الكتّاب ولا أبرئ نفسي يهرفون بما لا يعرفون، ويتساجلون يومياً في مستنقع المياه العكرة، ويتربصون ببعض الدوائر كالديكة التركية المتصارعة من أجل سواد عيون النظارة من الشعب والسياح! وإذا صدر عن الخصم هنة ما، شرع المنافسون بذبحه وسلخه بأقلام شداد غلاظ تستهدف ذات المرشح لا فكره!