جولة بوش في المنطقة: الرسالة والأهداف 1 - 2
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
الآن إذا كان من الطبيعي والمنطقي أن يقوم معسكر (الممانعة) و(المقاومة) بكل ما من شأنه تخريب جولة بوش أو تعكير صفوها، فما مصلحة هؤلاء الكتاب المتباكين والمحتجين على زيارة بوش؟ لا تفسير إلا أن معاداة أميركا «ظاهريا» مكسب إعلامي كبير لصاحبها!!إيران لها مصلحة في منع زيارة بوش وذلك حزب الله، ولكن ما مصلحة «حماس» في معاداة أميركا وهي أحوج ما تكون إليها لحل أزمتها؟ وما مصلحة «مهدي عاكف» مرشد الإخوان في بيانه غير العقلاني «لا مرحبا بالقتلة»؟! ومن هذا المنطلق نفهم الاستفزازات المستمرة والحوادث الدامية التي تزامنت وصاحبت جولة بوش في المنطقة، بدءاً من مناوشة الزوارق الحربية الإيرانية للبوارج الأميركية وازدياد نشاط العمليات العدوانية ضد الجيش الأميركي في العراق، وتفجير «الكرنتينا» في بيروت الذي استهدف سيارة دبلوماسية أميركية، وافشال المبادرة العربية التي حملها الأمين العام عمرو موسى لبيروت حتى لا يربط نجاحها بزيارة بوش، وكذلك استهداف «المدرسة الأميركية» بغزة- مرتين- بالتخريب والنهب، ولا يمكن أيضا استبعاد تجدد المعارك بين الجيش اليمني والحوثين عن هذا السياق.. ويأتي نشاط صواريخ قسام ضد البلدات الإسرائيلية المجاورة والرد العدواني الإسرائيلي (المجزرة) والذي أسقط العشرات من القتلى في هذا الإطار.. هذه الأعمال كلها لا هدف لها إلا إفشال زيارة الرئيس الأميركي ولو حتى بالإضرار بأنفسنا!! هل هناك ما هو أعجب من ذلك؟ لماذا لا تكون هذه الزيارة فرصة مواتية لنسمع الرئيس الأميركي وجهة نظرنا ولطرح رؤيتنا مباشرة أمامه تجاه قضايا المنطقة، لماذا لا تكون فرصة لنا لنتعرف على طبيعة تفكير بوش ورؤيته لقضايانا؟ لماذا لا تكون الزيارة فرصة لتبادل الحوار والنقاش؟ لماذا نستبق الأحداث ونحكم بالفشل من قبل أن تبدأ الزيارة؟ لماذا حملة الشتائم والإسفاف؟ هل بتحريض الجماهير ضد زيارة بوش تتحقق عملية السلام وتقوم دولة فلسطين؟ وهل بمثل هذا الإسفاف نحتوي النفوذ الإيراني المتصاعد ونحجّم أخطاره على المنطقة؟ التفسيرات السطحية التي يردها بعض الكتاب عن أهداف الزيارة متمثلة في مساندة إسرائيل وتحريض الخليج ضد إيران، تصطدم بجملة من الحقائق الموضوعية فأولاً: إسرائيل في أوج قوتها وخصوصاً بعد الانقسام الفلسطيني الدامي وانشغال «حزب الله» بالجبهة الداخلية فلا توجد ثمة أخطار على إسرائيل في المستقبل القريب، زيارة الرئيس الأميركي تضيف إليها قوة بل تضطرها- أحياناً- إلى تقديم تنازلات وقبول بعض الضغوط. وأما صواريخ قسام فهي (ألعاب أطفال) لا تضر إسرائيل، بل تعطيها الذريعة القوية لمواصلة عدوانها ولرفضها عملية السلام والاعتراف بإقامة دولة فلسطينية وبحق العودة للفلسطينيين، ويكسبها ذلك مزيداً من التعاطف العالمي، وثانياً: بالنسبة لدول الخليج.. فالخليجيون واعون ومدركون لحجم النفوذ الإيراني وتغلغله في المنطقة وعارفون بخطورة الهيمنة الإيرانية وطموحاتها التوسعية فلا يحتاجون إلى مَن يبصرهم ولا إلى مَن يحرضهم. كما أن أميركا ليست بحاجة إلى تحريض الخليجيين ضد الخطر الإيراني لأنها لو قررت توجيه ضربة عسكرية لإيران فهي قادرة كما فعلت مع صدام وحينئذ تجد حلفاء كثيرين.* كاتب قطري تنشر بالمشاركة مع «الوطن» القطرية