رغماً عن أنفك... يا وليد الجري!!

نشر في 23-03-2008
آخر تحديث 23-03-2008 | 00:00
 سعد العجمي

لمن تترك الكويت يا وليد؟ أتتركها لمن سرقها وعاث فيها فساداً؟ أتتركها لمن يعتبرها غنيمة يجب اقتسامها؟ أتتركها لمن تضخمت أرصدتهم من خيراتها؟ أتتركها لمن حولها إلى إقطاعيات وعزب يوزعها على من شاء؟ لمن تترك الأرامل والشيوخ؟ ولمن تترك المواطن الذي يعجز عن نيل أبسط حقوقه؟ ولمن تترك الأسر التي فرمها قطار الأسعار تحت عجلاته؟

كان مجلساً بلا طعم ولا رائحة، لأنك لم تكن أحد أعضائه، كان فصلاً تشريعياً مجنوناً بدا واضحاً أن العقل، وحتى «الأدب»، غابا عن كثير من جلساته كغيابك عنه، مازلت أتذكّر يوم الثاني عشر من يوليو 2006 جيداً، عند افتتاح دور الانعقاد الأول لذلك الفصل. أنظار جميع الحضور في قاعة «عبدالله السالم» في ذلك اليوم كانت شاخصة إلى حيث مقعدك الذي تركته طواعية لا مرغماً، النواب القدماء والجدد، كانوا عند دخولهم إلى القاعة ينظرون إلى ذلك المقعد في الصف الخلفي الذي ترجّل فارسه، كنت أراقبهم، لم يجرؤ أحدٌ أن يجلس على كرسيك، إلا بعد أن أخذ جميع النواب أماكنهم في مقاعد أخرى ولم يبق إلا ذلك الكرسي الذي لم يحضر صاحبه لكن هيبته كانت حاضرة تغلف المكان.

آه... يا وليد الجري... 597 يوماً غبت فيها عن الشأن السياسي كنائب، بدت وكأنها نصف قرن من الزمن، وحدهم الرموز يُفتقدون، وحدهم «الرجال» يتركون فراغاً عند غيابهم، ووحده وليد الجري لا يشابه غيابه غياباً، ولا يعادل حضوره حضوراً...

أبا خالد... الكويت بحاجة إليك... الأمة بأسرها تنتظرك... المال العام يستنجد بك... العمل البرلماني يتوسل إليك... حتى مضابط مجلس الأمة التي لم يشطب لك فيها كلمة «تنخاك» بعد أن لوثها نواب الغفلة الذين نزلوا بلغة الخطاب إلى الدرك الأسفل.

أبا خالد... أنت لست لقبيلة العجمان وحدها... ولست لمنطقة الأحمدي من دون سائر المناطق الأخرى... ولا أظنك ملكاً حصرياً للتكتل الشعبي... أنت للكويت كلها، بدوها وحضرها، سنتها وشيعتها، رجالها ونسائها، الكل يسأل عنك، الجميع يبحث عن أخبارك... لا تعتقد أن هذه حمية قبيلة أو «مناطقية»... فلسنا من دعاتها، إذ لا قبيلة إلا الكويت، ولا حمية إلا للوطن والأمة، لكنه الواقع أيها الفارس، فلم ألتقِ بأحد منذ أن حُل المجلس إلا عرفت سؤاله قبل أن تنطق به شفتاه: هل سيترشح وليد الجري؟

أبا خالد... منذ أن تركت المجلس واتصالي بك شبه يومي، فهل سألتك هذا السؤال من قبل؟ أنت تعرف الإجابة! لكن الوضع تغير، والأمور تبدلت... نعم لقد أخذت وقتاً كافياً بعيداً عن السياسة، راقبت من خلاله كل شيء، فهل يعجبك ما وصلت بنا الحال إليه؟ أنت وحدك تملك الإجابة لكننا بنزولك نملك الأسباب والأدوات لتغييره!

أبا خالد... نحترم قناعتك، ونتلمس العذر لك، لكن غيرنا لن يعذرك من فرط المحبة والتقدير لك... ندرك أنك لا تستطيع تغيير كل شيء، لكنك تقدر على تغيير بعض الشيء، فلا تبخل، ولا تجزع، وأقدم فالكل معك.

لمن تترك الكويت ياوليد؟ أتتركها لمن سرقها وعاث فيها فساداً؟ أتتركها لمن يعتبرها غنيمة يجب اقتسامها؟ أتتركها لمن تضخمت أرصدتهم من خيراتها؟ أتتركها لمن حولها إلى إقطاعيات وعزب يوزعها على من شاء؟ لمن تترك الأرامل والشيوخ؟ لمن تترك المواطن الذي يعجز عن نيل أبسط حقوقه؟ لمن تترك الأسر التي فرمها قطار الأسعار تحت عجلاته؟

ولأنك ممن إذا قالوا صدقوا، وإذا وقفوا ثبتوا، لن نتركك تفعل كل هذا بنا وبأهل الكويت، حتى لو اختطفناك من ديوانك وأجبرناك على تمثيلنا، رغماً عن أنفك!!

back to top