Ad

من المؤسف أن مبدأ الحساب ونظرية الثواب والعقاب لا يتم تطبيقها إلا على الوزراء، بل لا نبالغ إذا قلنا إن الوزير يقضي الكثير من وقته لمتابعة أمور ثانوية يعالج من خلالها أخطاء معاونيه في توافه القضايا الفردية واليومية إضافة إلى إدارة شؤون وزارته من دون خطة أو برنامج عمل أصلاً.

المتابع لجدول مقابلات سمو رئيس مجلس الوزراء خلال الأسابيع القليلة الماضية يجد بعدين مهمين وأساسيين، ولكن في الوقت نفسه متناقضين في منهج عمل الحكومة من جهة، وبرنامج عملها من جهة أخرى، فاللقاءات المكثفة لسمو رئيس الحكومة مع القيادات التنفيذية العليا في الوزارات والهيئات الحكومية تنم عن إحساس كبير بأهمية هذه القطاعات ودورها المحوري في ترجمة رؤى الحكومة على أرض الواقع، خصوصاً في ما يتعلق بتقديم خدمة أفضل والارتقاء بمستوى عمل مرافق الدولة وأجهزتها التنفيذية.

وفي المقابل، عكست لقاءات سمو الرئيس جميعها مع تلك القيادات ومن دون استثناء شعوراً واضحا وصريحاً بعدم الرضا، بل وصل الأمر إلى الانتقاد الشديد لحالة التخلف والتخبط والركود التي تعيشها الأغلبية الساحقة من مرافق الدولة التي عكست بالفعل نظرة سلبية جداً عن الوضع العام في الكويت.

وتكمن نقطة التناقض هنا في كون تشخيص سوء أداء الإدارة الحكومية الوسطى وتحت القيادات التنفيذية القائمة عليها قد حُسم بشكل متفق عليه عند الجميع، بل يؤكده الآن رئيس مجلس الوزراء مباشرة، ولكن مع ذلك تضيق الحكومة ذرعاً في حالة توجيه أعضاء مجلس الأمة نقدهم اللاذع لهذه الأجهزة وتحريك أدوات المواجهة إزاءها، بل تتحول الحكومة ممثلة بمجلس الوزراء والوزراء الى الدفاع المستميت عنها عند تعرضها الى النقد المبرح، ولذلك نرى أن الوزراء هم الذين يدفعون ثمن هذه الأخطاء ويتحولون إلى «ممشة زفر» لهذه الحالة الفاسدة في الجهاز التنفيذي. ومن المؤسف أن مبدأ الحساب ونظرية الثواب والعقاب لا يتم تطبيقها إلا على الوزراء، بل لا نبالغ إذا قلنا إن الوزير يقضي الكثير من وقته لمتابعة أمور ثانوية يعالج من خلاله أخطاء معاونيه في توافه القضايا الفردية واليومية إضافة إلى إدارة شؤون وزارته من دون خطة أو برنامج عمل أصلاً.

إن أعضاء الجهاز التنفيذي للدولة المتمثلين بوكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين هم عصب السياسة الحكومية ومؤشر نجاحها، ولهذا فإن معايير اختيارهم خاصة أن تعيينهم يكون بمراسيم أميرية يصادق عليها مجلس الوزراء يفترض أن تكون أدق من طريقة اختيار الوزراء أنفسهم، فهم يمثلون الدراية والاختصاص والكفاءة وبهم يفترض أن تساهم الوزارات ببرنامج عمل الحكومة وخططها الاستراتيجية والتنموية، وسبق أن ذكرنا في مناسبات عدة أن الفريق التنفيذي للدولة والمؤلف من هؤلاء القياديين الذين قد لا يتجاوز عددهم 120 شخصاً هم العمود الفقري للدولة وبهم يكتب النجاح أو الفشل.

وبعد هذه اللقاءات والتشخيص الدقيق لرئيس مجلس الوزراء، فإننا نهيب بسموه وحكومته أن تكمل وبشجاعة النصف الآخر لحل هذه المشكلة المزمنة وذلك بإقرار مجموعة القوانين المدرجة على جدول أعمال مجلس الأمة بشأن معايير اختيار هذه القيادات و«تأقيتها» وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب في أداء عملها بدلاً من أسلوب الانتقاء الشخصي والترضيات السياسية التي لم تجلب سوى الخراب والتخبط الى بلدنا على مدى سنوات طويلة.