Ad

الحادثة التي وقعت منذ أيام للأخ محمد الزعبي أحد أفراد السفارة الكويتية في طهران جاءت فرصة ذهبية لمن اعتادوا العزف على أوتار التخويف من إيران لأن يباشروا مجدداً في شن حملة أخرى في هذا المنحى، ولا ألومهم في ذلك.

منذ سنوات طويلة والعلاقات الكويتية الإيرانية، ومهما حاول اللسان الدبلوماسي أن يزوّقها، تعيش حالة توتر... يرتفع ساعات، حتى يبلغ درجة الغليان مثلما حصل في أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وينخفض ساعات إلى درجات باردة مثلما حصل بعد الغزو العراقي للكويت، لكن هذا القلق لم يصل يوماً إلى نقطة الصفر، وبقي هناك توتر يرسل ذبذباته تحت السطح!

هذا القلق الرسمي، الذي لم يكن يصرّح به دائماً، سار بموازاته دوماً قلق على المستوى الشعبي، قلق أكثر جرأة في التعبير عن نفسه والتصريح بأفكاره، خصوصاً في الفترة الأخيرة، بعدما تغذى على أخبار ومشاهد الاحتراب الطائفي في العراق، وبعدما تمكن الإعلام الغربي من التأثير عليه بشكل كبير عبر التخويف من تكوّن ما يسمى بالهلال الشيعي في المنطقة ونوايا إيران التوسعية الغامضة من خلال امتلاك النووي!

تبدى هذا القلق والتخوف من نوايا إيران الشيعية على الأرض، فظهر في أحداث محلية متفرقة، وكذلك في كتابات صحفية عدة بلغ بعضها من الفجاجة والمباشرة مبلغاً كبيراً، شكلت في مجملها بالنسبة لي علامة صريحة على وجود تحفز شعبي دائم وقلق تجاه إيران ككيان شيعي ضخم قابع على الضفة الثانية من الخليج.

أمام هذا الواقع الساخن دائماً، كنت ومجموعة من الناشطين مستمرين في السباحة عكس التيار، ومستمرين في محاولة نزع فتائل هذا التوتر من خلال التبشير الدائم بفلسفة التعايش ونشر رسالة المصير الواحد أمام العدو المشترك الذي يهدف إلى زرع بذور الفتنة الطائفية في المنطقة، والتأكيد في كل فرصة تسنح على أهمية العلاقة مع إيران، وأنها جارة مسلمة تدرك أنه لا يمكن لها بحال من الأحوال أن تعيش في قمقم تشيعها بمعزل عن الامتداد الإسلامي في العالم من حولها، والذي هو امتداد سني في أغلبه.

هذه المهمة لم تكن يسيرة بحال من الأحوال، كشأن السباحة عكس التيار دائما، فقد تعرضنا الى كثير من الاتهامات والتشكيك في وطنيتنا وديننا، وصولاً إلى التخوين والتكفير أحيانا، وبالرغم من ذلك كله لم نتوقف إيماناً بأن التعايش والتقبل والتعاون، هو الخيار الوحيد لرخاء وأمن الجانبين، وأن كل ما عدا ذلك سيقود الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.

كانت الأمور قد هدأت نوعاً ما خلال الفترة القصيرة الماضية، لكن الحادثة التي وقعت منذ أيام للأخ محمد الزعبي أحد أفراد السفارة الكويتية في طهران جاءت فرصة ذهبية لمن اعتادوا العزف على أوتار التخويف من إيران لأن يباشروا مجدداً في شن حملة أخرى في هذا المنحى، ولا ألومهم في ذلك، فلو كنت منهم فليس أفضل من هذه الفرصة التي قدمتها إيران على طبق من فضة!

لا أشك في أن إيران ترى الصورة الواضحة لطبيعة علاقتها بدول الضفة الأخرى من الخليج، وأنها تدرك أن أميركا تؤجج نار التفرقة الطائفية بينها وبين هذه الدول، لذلك أستغرب كيف تبدر منها مثل هذه الأحداث الغريبة، ولا يمكن لي على الإطلاق أن أتصور أن ما حدث هو خطأ خارج عن الإرادة السياسية الإيرانية، لأني أتصور أنها أذكى من ذلك، فهل في الأمور أمور يا ترى؟!