إصلاح التعليم ولجنة الرأفة بوزارة التربية!
إذا كنا بدلاً من ذلك نعلّم أولادنا في الصف العاشر أن يعتمدوا في نجاحهم على لجان الرأفة في وزارة التربية، فيا ترى ما القيم الاجتماعية والمعرفية التي «نربيهم عليها»، ونغرسها فيهم من الآن؟
«زفت وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي السيدة نورية الصبيح بشرى لطلبة الصف العاشر، بأن وزارة التربية ستطبق لجنة الرأفة وإعادة النظر بنتائج مهمة، وإنجاح من كان بحاجة إلى بضع درجات، وأشارت الصبيح إلى أن لجنة الرأفة ستساعد الطلبة، الذين يحتاجون إلى خمس درجات فأقل، وذلك مراعاة لظروف هذه الفئة من الطلبة». جريدة الراي 24 يونيو 2007.لجنة رأفة؟ وبس خمس درجات؟ «يستاهلون عيالنا أكثر»، وإلا تدرون لماذا يقدمون الامتحانات أصلا، فنحن في الكويت ندّعي أن لنا خصوصية في كل شيء، فلماذا لا تكون لنا خصوصية في التعليم أيضا ونلغي الامتحانات، فالكل ناجح، ويمكن تطور الفكرة مستقبلا ونلغي المدارس...!كثيرا ما يطلب منا طلبتنا في الجامعة ما يسمونه «بونص درجات»، يضاف «مجانا» الى الدرجة النهائية، وقد كنت أرفض باستمرار مثل هذا الطلب، لأن الدرجة التي يحصل عليها الطالب تعتمد على مجهوده وكفاءة تحصيله العلمي، وهي ليست منحة أو هبة يهبها الأستاذ هكذا من دون جهد وإجابات وافية من الطالب. فالشركات التجارية التي تمنح موظفيها «بونص» يكون له مقابل، وحسب درجة التميز في الأداء، فالموظف ذو الأداء الضعيف لا يحصل على ما يسمى في الجهاز الحكومي «بدل أعمال ممتازة». وأصدقكم القول بأنني كنت أستغرب من أين أتى الطلبة بمصطلح «بونص الدرجات» ؟ هل تعلموه في مدارس وزارة التربية؟ ولكن ما إن اطلعت على ما صرحت به الفاضلة الوزيرة، حتى زال استغرابي، ووجدت أن «البونص» أكثر عدلاً، لو طبق، لأنه سيمنح لجميع طلبة الفصل، أما الدرجات الخمس التي ستهبها لجنة رأفة التربية فستكون للطلبة الراسبين فقط لإنجاحهم، أما الناجحون «فسيكافأون» بمعرفة أن جهدهم ومثابرتهم كان لا داعي لها فالكل ناجح! لماذا لجان الرأفة يا معالي الوزيرة؟ تجيب (الراي) «هذه التسهيلات قدمتها وزارة التربية للطلبة، لكونهم خاضوا أول تجربة لهم في النظام الثانوي الجديد». إذن، أي طالب يخوض أول تجربة له في أي نظام تعليمي يستحق منحه هذه «التسهيلات». وعليه، فالمستجدون في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي، ومن في حكمهم، يجب أن تشكل لهم لجان رأفة ويمنحون «تسهيلات» الدرجات الخمس!!أعرف الأستاذة الفاضلة نورية الصبيح، وأعرف حرصها على إصلاح التعليم وعمل ما من شأنه الرقي بالعملية التعليمية وتحسين مخرجاتها، ولا أعتقد أن سياسة لجان «الرأفة» ستساهم إيجابياً في إصلاح التعليم. علاوة على ذلك، تعلم الأستاذة الفاضلة وزيرة التربية وزيرة التعليم العالي أن الاختبارات تأتي عادة معبرة عن مستوى وطبيعة المرحلة الدراسية ونوعية المنهج الدراسي، وبالتالي تكون نتيجتها معبرة عن الاختلاف الطبيعي في قدرات الطلبة، فلا داعي للجان رأفة أو رحمة تربوية تكافئ الكسول. كما انه من المفروض أن تبنى سياسة التحصيل العلمي على التنافس المعرفي بين الطلبة، وبذل الجهد المضني للوصول الى المعلومات الجديدة التي تدعم التفكير العلمي الابتكاري وتنمي الاعتماد على الذات وعدم الاتكالية. وهي قيم معرفية واجتماعية أساسية لبناء شخصية الإنسان. فإذا كنا بدلاً من ذلك نعلّم أولادنا في الصف العاشر أن يعتمدوا في نجاحهم على لجان الرأفة في وزارة التربية، فيا ترى ما القيم الاجتماعية والمعرفية التي «نربيهم عليها» ونغرسها فيهم من الآن؟