ماذا لو كان وزير الكهرباء ليبرالياً أو شيعياً؟!
من خلال مشاهدتنا لذلك العدّاد المرعب الذي يبثه تلفزيون الكويت طوال الوقت والذي يشير إلى أن الأحمال الكهربائية لم تنخفض عن منطقة الخطر ولو بمقدار شعرة، فإننا سندرك إذاً أن «ترشيد» لم تفعل شيئاً!
لايزال موضوع الكهرباء «مشتعلاً» بين تهديدات وزارة الكهرباء ووزيرها «بإطفائها» وقطع التيار عنا، وأحاديث المعالجات والعلاجات التي لم تر «النور» حتى الآن! الشيء الوحيد الذي ملأ الآفاق، وصرنا نراه «بلا انقطاع» في كل الجهات، هو لافتات حملة «ترشيد»... في الشوارع والطرقات... والصحف والمجلات... وعلى آخر الحافلات... بالعربية وبلغة «الخواجات»! ولاعجب في أن نرى هذا، فعشرة ملايين دينار كويتي... دينار في ذيل دينار، أعطيت «حلالاً بلالاً زلالاً» لإحدى شركات الدعاية والإعلان استلمتها من دون منافسة، ستمكنها من أن تطبع لوحة لكل مواطن... و«يافطة» على كل مبنى، وإعلان يومي في كل مطبوعة، منذ لحظة استلام الملايين العشرة وحتى نهاية الصيف، سواء انقطعت الكهرباء أم لم تنقطع!لا نقول هذا من باب الحسد لأحد، ففي الكويت «من صادها عشّى عياله»، ولست لألوم مجموعة من «الشطّار» استطاعوا أن يبيعوا حملة «ترشيد» على وزير الكهرباء فقبلها بلا إكراه وسلم الملايين عن طيب خاطر! حملة «ترشيد»، ومهما نشر القائمون عليها من تصريحات إعلامية نعرف أنها معدة سلفا، على ألسنة المسؤولين لتشيد بها يومياً في الصحف، هي حملة فاشلة سلفاً! لا أقولها من باب تثبيط العزائم، ولكن استناداً إلى المنطق والموضوعية.إن معيار النجاح لأي حملة إعلامية، ليس في عدد «يافطاتها» وإعلاناتها، ولا في ضخامة أحجامها، إنما في نتائجها ومقدار الأثر الذي تتركه. لذلك فمقياس حملة «ترشيد» ليس في عدد الإعلانات التي وزعت في البلاد، ووصلت حتى إلى بوابة المغادرة في مطار الكويت لتسأل المسافرين إن كانوا قد أطفؤوا الأجهزة الكهربائية أم لا، وكأن أحداً سيكترث وسيفكر فعلا أن يعود ليفعل ذلك، أقول إن مقياس نجاح هذه الحملة هو في هل استطاعت فعلاً أن تؤدي إلى خفض معدلات الاستهلاك الكهربائي، أم لم تفعل؟ ومن خلال مشاهدتنا لذلك العدّاد المرعب الذي يبثه تلفزيون الكويت طوال الوقت والذي يشير إلى أن الأحمال الكهربائية لم تنخفض عن منطقة الخطر ولو بمقدار شعرة، فإننا سندرك إذاً أن «ترشيد» لم تفعل شيئاً! حملة «ترشيد» لم تفعل شيئا ليس لعيب فيها ولا لعيب في الشركة التي أخذت الملايين العشرة، إنما لأن تغيير ثقافة الناس الاستهلاكية وأنماطهم المعيشية المرتبطة باللاوعي لا يمكن أن تتم خلال فترة أشهر، ولو صرفوا عوضاً عن الملايين العشرة مئة مليون دينار. هذا الأمر يحتاج إلى سنين طويلة حتى يستطيع أن ينفذ من مستوى الوعي إلى مستوى اللاوعي عند الإنسان فيحصل التغيير.لست اليوم أبحث عن الملايين العشرة، ولست أطالب أحداً بالبحث عنها، بل لعلي أتمنى على النواب ألا يثيروا هذا الموضوع، حتى لا ينصرف الانتباه عن القضية الأخطر والمتمثلة في عجز الحكومة عن حل مشكلة الكهرباء، وحتى لا يجد أحد فرصة للدفاع من خلال رفض التشكيك بالذمم المالية، كما فعلوا في استجواب الوزير عادل الصبيح منذ سنوات. لكن كل ما أبغيه هو ألا نقع في فخ تخدير أنفسنا بحملة «ترشيد» وأن نواجه الحقائق حتى تتسنى لنا معالجة هذه المشكلة الكبيرة!* * *هناك ارتباك غريب ومعالجات مضطربة من نواب الكتلة الإسلامية تجاه هذا الموضوع الحيوي والحساس، وصمت متوقع من «حدس» تجاهه، وانصراف من أغلب الكتاب الإسلاميين عنه! فهل يا ترى سيكون الوضع مختلفا لو كان على رأس وزارة الكهرباء وزير ليبرالي أو شيعي مثلا؟!