فجر الناشط المصري د. سعد الدين إبراهيم مفاجأة من العيار الثقيل، تهدد باستمرار موجة التوتر الأخيرة في العلاقات المصرية الأميركية، عندما كشف أمس عن أن الرئيس الأميركي جورج بوش أبلغه خلال لقاء جمعهما الأسبوع الماضي في براغ، بأنه سيواصل الضغط على مصر والسعودية طيلة الأشهر الـ 15 المتبقية في حكمه.
وقال إبراهيم في اتصال هاتفي مع مكتب «الجريدة» في القاهرة «أكد بوش لي أنه لن يكف عن مطالبة مبارك بتنفيذ ما وعد به في حملته الانتخابية»، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي اعترف له بتراجع دور إدارته في الدفع بعملية الإصلاح الديموقراطي في الشرق الأوسط، «لكنني خلال الشهور المقبلة سأعاود الضغط على أصدقائنا في مصر والسعودية من أجل التغيير والإصلاح بالرغم من مقاومتهم ». تزامن ذلك مع تصاعد حملة الهجوم التي شنتها بعض الصحف المصرية القريبة من الحزب الحاكم على الرئيس بوش، مستخدمة لغة غير مسبوقة في انتقاد رئيس دولة أجنبية، حيث وصفت صحيفة «روز اليوسف» بوش في صدر صفحتها الأولى أمس الأول بـ «الأحمق، رئيس فقد صوابه». وكان إبراهيم الذي يرأس مركز ابن خلدون ويعمل أستاذاً لعلم الاجتماع في الجامعة الأميركية قد تسبب في تجديد اشتعال الخلاف بين القاهرة وواشنطن، بتوجيه سؤال إلى الرئيس الأميركي في مؤتمر «الديموقراطية والأمن» الذي عقد في براغ الأسبوع الماضي حول تراجع دور الولايات المتحدة في دفع عملية التحول الديموقراطي في مصر، إذ اعتبرت الحكومة المصرية أن رد بوش «تدخل غير مقبول» بانتقاده بشدة الحكم الصادر بسجن المعارض الليبرالي أيمن نور، ومطالبته بالإفراج عنه. وكان لافتاً أن تصريحاً مكتوباً لوزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط تم توزيعه على الصحف المحلية، أعرب فيه عن استيائه من كلام الرئيس الأميركي مع التأكيد في الوقت نفسه على عمق العلاقات بين الدولتين. لكن الرد الأعنف من الجانب المصري على الرئيس الأمريكي جاء من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب (البرلمان) المصري، التي عقدت جلسة طارئة أمس للتنديد بـ «التدخل في أحكام القضاء المصري الذي يعتبر تجاوزاً للحدود وأمراً يرفضه المصريون كلهم». واستخدم بيان صادر عن اللجنة لغة غير مألوفة في الهجوم على رئيس الدولة، التي تعد الحليف الأول والأهم لمصر منذ العام 1974، فطالبه بأن يكون أكثر حرصاً عندما يتحدث عن الشؤون الداخلية لمصر، إذا كان من حقه أصلاً أن يفعل ذلك «...» وكان الأولى به أن يتحدث عن سجناء غوانتانامو المحرومين من أبسط حقوق الدفاع القانوني الذي كفلته كل مواثيق حقوق الإنسان. ولا يعد الخلاف حول أسباب سجن أيمن نور، وهو رئيس حزب «الغد» المعارض، الأول من نوعه بين القاهرة وواشنطن، إذ سبقه خلاف مشابه بسبب سجن سعد الدين إبراهيم نفسه حتى أطلق في العام 2003، ويوصف إبراهيم في الصحف المصرية الحكومية بأنه أحد رجال الولايات المتحدة في القاهرة. من جانبه قال عضو أمانة السياسات في الحزب الوطني الحاكم، ومدير مركز الأهرام للدراسات السياسية عبد المنعم سعيد لـ «الجريدة» إن الجانبين المصري والأميركي باتا معتادين على مثل هذه الحلقات المتكررة من التوتر حول ملف الديموقراطية التي لا تخرج عن تصريحات أمريكية في هذا الشأن، يعقبها رد مصري عن التدخل في الشؤون الداخلية ثم ينتهي الأمر بعد 48 ساعة. وأضاف: أن الأمريكان وصلوا إلى قناعة بأن موضوع الديموقراطية في مصر لن يستمر، وأنهم لن يقدروا على عمل شيء في هذا الملف، على الرغم من أن هذا الموضوع سيظل من الموضوعات التي تنال اهتمام الولايات المتحدة. ورأى أن مشكلة الجانب الأميركي في هذا الشأن أنهم اختزلوا ملف الديموقراطية في مصر في الإفراج عن أيمن نور، وتجاهلوا الحديث عن حقوق الإنسان وتغيير رئيس الجمهورية، والانتخابات. وقال: إن الضغط الأميركي من أجل الإصلاح في المنطقة أصبح أقل عمقاً مما كان عليه قبل سنتين، حيث كان ينظر إليه بوش باعتباره ضرورة استراتيجية لتجفيف منابع الإرهاب، لكن بعد وصول حماس إلى السلطة والإخوان المســـــلمين إلى الـــــبرلمان المصري فإن الأمر قد تغير. ووصف هذه الفترة من العلاقات المصرية – الأمريكية بـ «متوسطة الحميمية».
دوليات
بوش لسعد الدين إبراهيم: سأواصل الضغط على مبارك
09-06-2007