Ad

حكاية أنابوليس ليست سوى الفصل الأخير الذي يريد بوش وحواريوه أن يكتبوه بأيديهم.

ثمة مثل إيراني يقول: «إن من يقبل... تحت الضغط... قول الألف... لابد أن يكرّ الحروف إلى الياء» في إشارة إلى العد العكسي للتنازلات الذي سيتحكم بكل من يقبل بفكرة التنازل عن الثوابت التي يؤمن بها!

من جهة أخرى ونحن نلفّ الوطن العربي والإسلامي من أقصاه إلى أقصاه تظهر لنا صورة أميركا واضحة للعيان وهي تشكل قطع لعبة «البازل» المعروفة! وهذا ما يذكّرنا أيضاً بالشاعر العراقي العربي الحاذق والثاقب النظر مظفر النواب -شفاه الله- الذي قال مبكراً في ما قال: «أميركا وراء الباب.... أميركا»!

لا أريد الاستنتاج هنا بأن كل ما نعانيه هو بسبب أميركا وحدها وأنه لادخل لنا نحن أهل البلاد في ما حلّ ويحلّ بنا، لكن الأكيد والقادرين على إثباته هو أن كل مشاكلنا المستعصية ثمة يد أميركية علنية أو خفية تلعب بها!

انظروا إلى معادلة الخداع التي تتشكل من وراء ستار في فلسطين... فحكاية أنابوليس ليست سوى الفصل الأخير الذي يريد بوش وحواريوه أن يكتبوه بأيديهم من قصة تثبيت انتزاع اعتراف عربي إسلامي بالاغتصاب الصهيوني للحق التاريخي في فلسطين والإذعان من جانب العرب والفلسطينيين تحديداً بأن الدولة الإسرائيلية القائمة حالياً هي الوطن القومي النهائي لكل يهود العالم طبقاً للنظرية الصهيونية التي من حقها تالياً أن تمنح «حق العودة» لكل يهودي يقرّر السكن في هذه الدولة حتى وهو في الطائرة المتجهة إلى مطار بن غوريون كما فعل وزير خارجية فرنسا بالتوافق مع قادة إسرائيل في عهد شيراك، أما حق العودة الفلسطيني فاقرأوا عليه السلام!

ثم انظروا إلى ما يجري في العراق من فيلم تراجيدي هوليوودي يهدف إلى تحويل العراق العربي الإسلامي كما يفترض إلى «تجمع لوردات مجالس الصحوة» التي لا تشبه ما عرف في عصر الانحطاط الإسلامي المعروف بعصر ملوك الطوائف، فضلاً عن العصر الفدرالي التعددي الذي يتشدّق به بعض رجالات بطانة الاحتلال! وهو ما يعني إبقاء شرخ الصراع والتنازع الأهلي بين العراقيين مفتوحاً ليس فقط بين الطوائف والأعراق بل بين كل مكوناته العشائرية والأفخاذ القبلية ... إلى ما لا نهاية، وهي محاولة مفضوحة من قبل مبدع الاقتتال الداخلي المفتوح والاختصاصي المخضرم في مجال فنّ الذبح على الهوية خليل زاد السفير الأميركي الأفغاني الأصل الذي اتبّع فكرة «اللوية جركة» الأفغانية بوجه المقاومين الأفغان، وها هو اليوم يحوّلها إلى برنامج ميداني فعّال ضد المقاومة العراقية وفي الحالتين بذريعة وحجة مقاتلة «القاعدة»، أي عملاً بالمثل العربي القائل: «حك الحديد بالحديد»!

وهي نفسها القاعدة التي يرجون تحقيقها في الباكستان اليوم بعد أن حول الجنرال المهووس بالسلطة وبنظرية مكافحة الإرهاب على الطريقة الأميركية بلاده إلى معتقل كبير. فهو ومن ورائه أزلام خليل زاد يعدّون «لمجالس صحوة» باكستانية لمقاتلة مجاميع «تنفيذ الشريعة المحمدية» ثم لفك التحالف العريق والعميق كما يفترض بين القبائل والمقاومتين الباكستانية والأفغانية للاحتلال الأميركي!

أما في لبنان فالقصة «أطرف» لأنها أعقد مما تصوروا بكثير، فهم وبعد أن تصوروا ومن خلال بعض خبرائهم المحليين المخضرمين الذين أرادوا المزاوجة بين الفيلمين العراقي واللبناني من خلال نقل تجربة اللبننة التي حصلت على أرض لبنان في السبعينيات إلى العراق بحجة الدفاع عن الشيعة المضطهدين هناك من قبل الحاكم السني! فصنعوا معادلة المحاصصة الطائفية هناك، تراهم اليوم يعودون إلى لبنان بخُفّي حنين ليروجوا «للعرقنة» أي لتشكيل ميليشيات. نعم ميليشيات طائفية لتقف في وجه المقاومة بحجة الدفاع عن السنّي المضطهد بسبب الهيمنة الشيعية على القرار اللبناني!

وأما في شمال أفريقيا فإنهم بدأوا على ما يبدو باختراق مكوّنات ونسيج القوى «الأصولية» المتشددة والتسهيل لبعضها وعبر لافتة القاعدة لابتزاز حكام تلك البلاد وانتزاع «قاعدة» لهم في كل بلد كحد أدنى، وإلا فإن الطوفان القاعدي وحروب الفتن المتنقلة والفوضى الخلّاقة قادمة إليكم لا محالة!

إنها معادلة «القاعدة بالقاعدة والبادي أعلم»! أي إما السقوط على يد القاعدة التي هي ما نشأت أصلاً إلا بفضل الحيف والظلم والعسف المستطير التي زرعت بذورها وكرّستها واشنطن على امتداد عمر الدويلة–الكيان الصهيوني، أو أن نقبل بالقواعد العسكرية الأميركية بديلاً للقاعدة الأحجية واللغز واللغم!

* الأمين العام لمنتدى الحوارالعربي - الإيراني