خذ وخل: الفتنة صاحية والحكومة نايمة!

نشر في 20-02-2008
آخر تحديث 20-02-2008 | 00:00
 سليمان الفهد

مجلس الوزراء بلع لسانه طيلة أيام الفتنة، ولم يقل شيئاً إلا عشية الاثنين 18 الجاري. وبعد أن شبت نار الفتنة، وجرى تأجيجها بالحق والباطل، يصدر تصريح وزاري رومانسي مطعَّم بموعظة حسنة تقول إن الشعب «بوعيه وإدراكه سيتجاوز هذه العاصفة الصغيرة»!

يدهشني حقاً أن حادث اختطاف طائرة «الجابرية» أفضى إلى توحيد كلمة الكويتيين ورفضهم للفعل الإرهابي الذي انطوت عليه هذه العملية، في حين أن القصاص الرباني الذي حدث للإرهابي قائد هذه العملية أدى إلى بروز «فتنة» اجتماعية وطنية جراء الطرح الطائفي البغيض الذي جابه به الكثيرون فعلة التأبين الشائنة!

فقد كان حرياً بنا، أن يكون اليوم الذي حدث فيه العقاب الرباني بمنزلة عرس وطني، يلهج بالحمدلله الذي يمهل ولا يهمل، ذلك أن صاحب الحق ليس بحاجة إلى مرافعة حماسية بأثر رجعي! فالمُعلم سوفوكليس يقول في هذا السياق: «الضعيف المحق، يغلب القوي المحقوق، والصدق أقوى الأدلة». والحكومة الرشيدة بدت لي «الضعيف المحق» الذي اختار أن يلوذ بالصمت تجاه الإرهابيين كافة الذين استهدفوا أمن الوطن والمواطن، فلم نقرأ أو نسمع طوال العقدين المنصرمين أن الحكومة معنية بملاحقتهم قضائياً، ولم تحفل بمسألة القبض عليهم، ربما لاعتقادها بأن الشكوى لغير الله مذلة!

ونعم بالله سبحانه، لكن الحكومة الرشيدة اكتفت بموقف التواكل فقط! وراعني أنها ظلت صامتة تجاه الفتنة الآخذة في التأجج، وقودها الوحدة الوطنية ومجتمع الأسرة الواحدة، من دون أن تحرك ساكناً، فقد وردني عبر رسالة نصية خبر مضمر بتعليق ينطوي على غضبة مضرية تجاه الفئة من المواطنين العازمين على تأبين الإرهابي المقبور. لأول وهلة، ترددت في تصديق الخبر.. حسبته أحد أخبار سيئة الذكر: وكالة أخبار «يقولون» ما غيرها،

ولحسم أمر ريبتي وشكي «مسّجت» الخبر إلى صديق خبير بصحافة «الموبايل» فرد علي بغضب عارم: خبر التأبين فرية صلعاء! حذار أن ترسله إلى أحد! لأني أشم في ثناياه رائحة الفتنة النتنة!

وفي لحظة تفاؤل شديدة لا أغبط عليها، وجدتني أقول لنفسي: أيعقل أن تكون وكالة أخبار «يقولون»، أدرى من أجهزة الحكومة الرشيدة التي يفترض أن بحوزتها الخبر اليقين؟! ومن هنا نمت ليلتي وفي «كرشي تتربع بطيخة حكومية رشيدة» تقول لي: نام وعليك الأمان. إنها مجرد إشاعة لدق إسفين بين فئتي المجتمع!

لكن مجلس الوزراء بلع لسانه طيلة أيام الفتنة، ولم يقل شيئاً إلا عشية الاثنين 18 الجاري، حيث جاء على ذمة «كونا موبايل» أن مجلس الوزارة «يشجب التصرفات المشينة لقلة محدودة، قاموا بتأبين وتمجيد إرهابي قتل أبرياء تحقق بقتله القصاص الرباني لشهيد الجابرية».

بصراحة: لم أفهم مسألة شجب الحكومة الرشيدة لحفنة من مواطنيها! أفهم أن تلعلع بموقف الشجب حكومة شقيقة أو صديقة، لكن صدوره من قبل حكومة يقع الفعل المشجوب في أراضيها ومن قبل بعض مواطنيها فهذا موقف محير يدل على عجز العبد لله عن الفهم، ولا علاقة له بعجز الحكومة على الفعل وإدارة الأزمة المضمرة بالفتنة، كما كنا نتمنى ونتوقع.

والأنكى من ذلك هو التصريح الذي نطق به الوزير «الحجي» الذي «يدعو فيه إلى تجنيب المجتمع العواصف التي تعصف بمجتمعات أخرى لصيقة وقريبة»... فبعد أن شبت نار الفتنة، وجرى تأجيجها بالحق والباطل، يصدر هذا التصريح الرومانسي المطعَّم بموعظة حسنة تقول إن الشعب «بوعيه وإدراكه سيتجاوز هذه العاصفة الصغيرة».

وقد تعمدت عدم ذكر النائبين عبدالصمد ولاري، مكتفيا بشجب الحكومة الرشيدة، ولاعتقادي بأن مقاربة فعلتهما المنكرة تكون عبر القنوات الدستورية والقانونية والقضائية. ذلك أن: «أعسر الحيل تصوير الباطل في صورة الحق عند العاقل المميز»، كما نُسب إلى سيدنا الإمام علي رضي الله عنه. وهذا هو ما يجب أن نسعى إلى إيصاله إلى النائبين والفئة التي شاركت في التأبين. ولا نجد ما نقول لهم سوى قول الشاعر:

خف دعوة المظلوم فهي سريعة

طلعت فجاءت بالبلاء النازل

back to top