لم أستغرب أبدا من مداخلات بعض نواب الأمة تجاه بنك الكويت المركزي، عند مناقشة ميزانيته ولم أتفاجأ من سطحية وتفاهة بعضهم، بالرغم من علوصوتهم. لكن ما زلت مندهشاً من الصمت الحكومي والخوف من مواجهة مغالطات النواب واللعب بالحقائق وكأن «المركزي» إدارة لشؤون العاملين بإحدى دوائر الدولة أومكتب لاستقدام العمالة المنزلية؛ فلم أرَ دفاعا حقيقيا من وزير المالية ولم أرَ أي مهنية في التعامل مع هذا المرفق الحساس؛ فقد كانت اتهامات النواب بعيدة كل البعد عن الجانب الفني لعمل البنك.
بنك الكويت المركزي يا كرام هوالجهة الحكومية الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها، وهوالجهة الحكومية الوحيدة التي تتعامل بمهنية وحيادية بعيدا عن الأضواء، والبنك المركزي هوخط الدفاع الأول عن الاقتصاد الوطني وبيده إيقاع ضبط التضخم والانكماش في البلد، وبيده كل أسرار البلد بما فيها حسابات النواب الأفاضل وتحويلاتهم. فأي خلل أوعبث بهذا الجهاز يعني دمارا حقيقيا للكويت، كمن يلعب بجهاز القضاء أوجهاز ديوان المحاسبة، فهذه أجهزة يجب الدفاع عنها باستماتة وإبعادها عن التصفيات السياسية. فليتذكر الجميع موقف البنك من أزمة 97 وكذلك المضاربات على الدينار الكويتي، كما لابد من التذكير بموقف المركزي من بعض القيادات ببعض البنوك، وهذا لا يعني أن الأمر يخلومن بعض الثغرات، لكن هذه مسؤولية البنوك وشركات الاستثمار التي يلتوي بعضها على القانون بحيل قانونية، خصوصا في ما يتعلق بتبييض الأموال والقروض. النواب تحدثوا عن قروض المواطنين وعن دور المركزي، ونسوا أوتناسوا دورهم عندما شجعوا المواطنين على الاقتراض نتيجة التطمينات بإسقاط القروض، فهم أنفسهم شجعوا على زيادة الاقتراض وزيادة معاناة المواطنين، وزيادة النمط الاستهلاكي نتيجة جهل بعض النواب بخطورتها ونتيجة اللعب السياسي الخبيث بمشاعر المساكين، عندما أكدوا لهم أن الحكومة ستخضع لإرادة القلة وستسقط الديون. المركزي ليس وصيا على الناس، ودوره رقابي بحت، ودور نواب الأمة والحكومة مهم في توعية الناس، وخلق نمط ادخاري لدى الناس فانا أتذكر كيف كنا ندخر الخمسين فلسا من خلال طابع بنك التسليف والادخار الذي تحول إلى بنك التسليف والاتجار السياسي فانظروا إلى أسلوب بناء المنازل وانظروا إلى نوعية السيارات وإلى قيمة المكالمات الهاتفية النقالة وإلى درجة الطائرة التي يركبونها وإلى الفنادق التي يرتادونها وإلى خزانة الملابس وإلى عدد الخدم والسائقين، وانظروا إلى تكاليف الأفراح، فما دور المركزي في هذا؟! إنها مسؤولية التربية والأسرة والإعلام فمن حق البنوك التسويق لقروضها، وإن كنت لم أرَ بنكا واحدا سوق للادخار . على النواب الذين يخافون على مصالح الناس أن يتقدموا بمشروع حملة وطنية للترشيد والادخار تكون وزارتا الإعلام والتربية مسئولتين عنها، وخلق صندوق ادخاري ضخم بدلا من بنك جابر السياسي. أقترح على محافظ البنك المركزي أن يضع دنانيره تحت «الكاشي» للابتعاد عن التعامل مع البنوك المحلية، كما أود هنا أن أؤكد عدم دقة كلام النائب البراك أن صعفق الركيبي هو من أحال رئيس مجلس إدارة أحد البنوك المحلية إلى النيابة عقب اكتتاب بنك بوبيان، فالصحيح أن محافظ البنك المركزي هو من اكتشف المخالفة وأحال المخالفين إلى النيابة العامة.
مقالات
ما بقي إلا المركزي !!
23-06-2007