Ad

تنتشر ظاهرة مخالفة تعليمات المرور بكل مدن الكويت وضواحيها، التي يشتهر معظم مواطنيها بثقافة ازدراء القوانين، فهل سيبادر معالي النائب الأول وزير الداخلية وزير الدفاع ويبادر بالخطوة الأولى التي قد تساهم في إضعاف تلك الثقافة، والأهم من ذلك في تحجيم ما يخسره البلد من البشر؟

بينما تظل سعة الطرق شبه ثابتة، تزايد السكان في الكويت بنحو 6.2 % في السنوات الخمس الماضية، وتزايد عدد المركبات على الطرق بمعدل أسرع من ذلك بلغ 6.8 % للسنوات الخمس الماضية أيضا، ووصلنا إلى العالمية بتصدر أعلى معدل للوفيات بـ «معارك» الطرق، وإذا كنا نعيش الآن حالة مزرية من الاحتقان المروري، قد يخفف من حدتها على المدى القصير استكمال مشروع الدائري الأول وتحديث الدائري الرابع، فماذا عن المستقبل القريب والبعيد؟

لقد تجاوزت عدد المركبات المستخدمة في شوارع الكويت المليون خلال 2006، أي بمعدل مركبة لكل ثلاثة أفراد من السكان، وتلك الحقيقة تشكل معضلة رئيسة، ناهيك عن تداعياتها المروعة على البيئة، كما أن إجراءات الحد من تسارع نمو المركبات المستخدمة على الطرق يتطلب الكثير من الجهد والوقت حتى تتبلور نتائجها، إلا أن الجزئية الأكثر إثارة للمخاوف، التي قد لاتتطلب أكثر من تكثيف التواجد والجدية في المراقبة، فهي سلوكيات مستخدمي هذه المركبات على الطرق والشوارع، ومدى التزامهم بقوانين المرور، ولعل تكثيف المراقبة لظاهرة واحدة من ظواهرها، وهي الوقوف في الأماكن غير المخصصة، قد تكون بداية الطريق.

تنتشر ظاهرة مخالفة تعليمات المرور بكل مدن الكويت وضواحيها، التي يشتهر معظم مواطنيها بثقافة ازدراء القوانين، وعلى الرغم من أن تلك الثقافة تمارس، وبشكل يومي، في معظم الدوائر الحكومية، فإنها تبدو أكثر تجليا في الشوارع والطرق، كما أنها من الظواهر السلوكية التي تستحق الاهتمام للحد من تناميها، فالقوانين لايكفيها الإقرار، إنما الأصل في استحداثها هو التطبيق، وبحزم.

يعرف أن مراقبة التقيد بقوانين المرور - على الرغم من أهميتها - مهنة لا تتطلب تدريبات عسكرية، أو مهارات متخصصة، أسوة بما هو ضروري ومطلوب في المجالات الأمنية الأخرى، كما يذكر أن هناك نقصاً أو سوء توزيع في عدد أفراد شرطة المرور في وزارة الداخلية، وتلك معضلة. وقد يكون من المجدي كمحاولة للحد منها، بتبني مشروع تجريبي، يقضي بتوظيف عدد محدود من المتقاعدين والمتقاعدات، يتراوح عددهم ما بين 30 و50، وتتميز سجلاتهم لدى وزارة الداخلية باحترام قوانين المرور، وذلك للعمل على مساندة رجال الأمن في تحرير المخالفات المرورية، في مناطق محددة من مدينة الكويت، ولفترة لا تتجاوز الـ 4 ساعات يوميا، ولمدة تتراوح من 3 الى 6 شهور، مقابل مكافأة معقولة تحددها الوزارة، وفي حال نجاح المشروع يتم تعميمه على مدينة الكويت بضواحيها، ثم يعمم تدريجيا على المحافظات الست.

المشروع يستحق التجربة، فقد تم تطبيقه في بعض الدول الغربية، التي تتمحور ثقافة شعوبها على أن تطبيق القوانين سلوك محبب، وأن التقاعد ليس نهاية الحياة، وقد نجح هناك، ومن يدري، فقد يساهم تطبيقه هنا في تراجع ثقافة «ازدراء القوانين» بشكل عام، وقوانين المرور بشكل خاص.

فالأمم الموسومة بثقافة احتقار القوانين، أمم غير موعودة بالتقدم والحضارة، فهل سيبادر معالي النائب الأول وزير الداخلية وزير الدفاع بالخطوة الأولى التي قد تساهم في إضعاف تلك الثقافة، والأهم من ذلك في تحجيم ما يخسره البلد من البشر؟... نتساءل وكلنا أمل.