حتى لا ننشغل محلياً... وننسى الجنوب العراقي!!

نشر في 30-03-2008 | 00:00
آخر تحديث 30-03-2008 | 00:00
 أ.د. غانم النجار

ليس هناك بالتأكيد اعتراض على التداول والصراع المحلي والشد والجذب واحتداد الجدل، وليس هناك اعتراض على أن يكون محور ذلك الصراع والجدل شؤوناً محلية فلكل رأيه، ولكل مصالحه، أما أن يشغلنا ذلك بالكامل عما يمكن أن يهدد الأمن الوطني الكويتي برمته وتركه للآخر، فهو أمر مثير للخوف على أقل تقدير.

أصبح الانشغال بالشأن المحلي بالكامل، وتجاهل ما يدور حولنا سمة سائدة على الساحة السياسية في الكويت، ولا يبدو أن هناك مخرجاً منطقياً من هذا المأزق.

ولعل الاقتتال الشرس الأخير الذي اندلع في جنوب العراق بما أطلقت عليه الحكومة العراقية عملية «صولة الفرسان» هو نموذج صارخ على التجاهل المفرط لأحداث ستؤثر سواء عاجلاً أو آجلاً في الأمن الكويتي، ولعل مشكلة اللاجئين هي أهونها.

فلا بأس إن لم تكن المعركة الدائرة في جزيرة إنجوان في جزر القمر مأخوذة بالاعتبار ضمن الجدل السياسي في الكويت، كذلك نتفهم ألّا يتم طرح المعارك الدائرة بين منظمة «فارك» والحكومة الكولومبية ضمن النقاش الدائر محلياً، فأين نحن من كولومبيا جغرافياً، كذلك نقدر ألّا تكون المعارك الدائرة بين نمور التاميل والجيش السريلانكي ضمن مفرداتنا السياسية حاضرة.

أما ألّا يرف لنا جفن، ولا يصدر لنا تصريح يتيم، وألّا يبدو أن ما يدور من اقتتال على بعد كيلومترات قليلة من حدودنا معنيون به، سواء على المستوى الحكومي أو على مستوى المرشحين، فهو دلالة على استرخاء ذهني لا مبرر له.

من الملاحظ أننا ننغمس بعنف في الشأن المحلي، فنحلل ونبلل، ثم نخلل وبعد أن نفرغ من ذلك نعيد اجترار العملية نفسها، ولكن ربما معكوسة، فتخليل، وتبليل، فتحليل، هكذا في إطار أزمات محلية بعضها حقيقي وبعضها الآخر مفتعل.

فليس هناك بالتأكيد اعتراض على التداول والصراع المحلي والشد والجذب واحتداد الجدل، وليس هناك اعتراض على أن يكون محور ذلك الصراع والجدل شؤوناً محلية فلكل رأيه، ولكل مصالحه، أما أن يشغلنا ذلك بالكامل عما يمكن أن يهدد الأمن الوطني الكويتي برمته وتركه للآخر، فهو أمر مثير للخوف على أقل تقدير.

ومع أن المعارك الدائرة منذ أيام تدور رحاها في أكثر المناطق فقراً في البصرة كالحيانية والجمهورية والخمسة ميل، إلا أنها مرشحة للامتداد والتمدد جنوباً وربما تنعكس بصور مختلفة على الكويت وأمنها، فقد تتحول شرارة هناك إلى ما هو أكثر من ذلك.

ندرك أن الموقف من العراق وما يدور في داخله أمر معقد ويحتاج إلى حسابات دقيقة، لكي لا تتورط الكويت في صراعات داخلية أكبر من حجم الكويت وإمكاناتها.

إننا بحاجة إلى تكوين رؤية واضحة حول العراق عموماً والجنوب خصوصاً، تتكون أساساً من تخفيف حالة التوتر والاحتقان في الجنوب العراقي، فأمن الكويت الاستراتيجي يرتبط بشكل مباشر مع حالة الاستقرار في جنوب العراق، وهي رؤية بحاجة إلى صياغة، وتشكيل، وأدوات فاعلة، وهو ما نعتقده بالتأكيد.

back to top