يبدو أن حل مجلس الأمة بات وشيكاً جداً، ليس استناداً إلى معلومات جاءتني من مصادر «عروقها بالماي» كما يقولون، ولا إلى تحليل سياسي عميق، وإنما فقط لكثرة يافطات التهنئة بشهر رمضان في الشوارع، فهذه اليافطات هي حتماً لمرشحي البرلمان القادم، سواء الجدد أو من سبق لهم الوصول إلى الكراسي، فلا أحد في هذه الأيام ومع غلاء المعيشة يصرف دنانيره على طباعة وتعليق اليافطات لمجرد أن يهنئ الناس بقدوم رمضان هكذا لله في الله! ولأنه من المعروف أن هذه اليافطات، أو لنقل اللوحات الانتخابية -حتى نسمي الأشياء بأسمائها- تكلف أموالاً ليست ببسيطة، ولأن أغلب المهنئين معروف أنهم «على باب الله» ولا يملكون إلا الراتب الشهري البسيط، فواضح أن القوم باتوا يشعرون بأن الانتخابات قريبة جداً وليست في 2010م.
بالأمس تجولت في دائرتي، الدائرة الخامسة، واستناداً إلى كرنفال اليافطات الانتخابية المتنكرة بعبارات التهنئة، أستطيع أن أقول واثقاً إن معركة الانتخابات القادمة ستكون حرباً ضروساً وأشد من كل ما مضى!وبناء على قائمة أسماء المرشحين أو المهنئين، لا فرق، يمكن لي أن أقول كذلك إن الصراع سيحتدم على المستوى الداخلي بين أبناء كل قبيلة على حدة، ثم بعد ذلك مع منافسيهم من القبائل الأخرى. لكن ما سيزيد المشهد تعقيداً هو أن الدائرة وبعد التعديل صارت تحوي اليوم عدداً مؤثراً جداً من أبناء الحضر، وأيضا من الشيعة، وبالتالي فإن هذا الخليط الانتخابي الجديد وهو خليط خطير وغير مستقر من بدو وحضر وسنة وشيعة بالإضافة إلى الصوت النسائي الذي يشبه مركبة تندفع بلا فرامل ولا يدري أحد إلى أين ستنتهي، أقول إن هذا كله يؤذن بانتخابات شديدة التعقيد قد تفضي إلى نتائج غير متوقعة على الإطلاق!وبطبيعة الحال فإن الانتخابات الفرعية ستجري في هذه الدائرة لا محالة، ليس لأنه قد بلغني البدء في التحضير لها فحسب، وإنما لأنه من المؤكد أن القبائل لن تخاطر بترك أبنائها ينافسون بعضهم بعضا هكذا من دون ضابط أو رابط، لتضيع المقاعد البرلمانية التي كانوا يحتكرونها طوال السنين الماضية، في حين أنهم يدركون أن من غير المتوقع أن تقوم الحكومة بأي تحرك حقيقي وفاعل للتصدي للانتخابات الفرعية التي كانت مزدهرة طوال السنوات الماضية عندهم، إن لم يكن من باب الصعوبات الأمنية والاجتماعية لضبط المسألة فعلا وكما تزعم الحكومة، فمن الباب الأهم وهو أنها، أي الحكومة، لطالما اعتمدت على هذه الدائرة لتخرج لها عدداً كبيراً من النواب الموالين لها، وبالتالي فإن قيامها بعرقلة أو إيقاف الانتخابات الفرعية فيها سيمثل تهديدا حقيقيا لها، وقد يؤدي وعلى غير المعتاد إلى نجاح عدد أكبر من النواب الخارجين عن السيطرة ممن قد يقفزون إلى خندق المعارضة!العامل المهم الآخر في المشهد الانتخابي القادم لهذه الدائرة، هو أن القبائل لم يعد بإمكانها أن تضمن مقاعدها بمجرد الاعتماد على تفوقها العددي كما كانت تفعل في السابق، بل صار لزاماً عليها اليوم أن تدخل في لعبة التحالفات بشكل أكثر ترتيباً، سواء مع قبائل أخرى أو حتى مع مرشحي الحضر السنة وربما الشيعة. هذا الأمر وإن كان يتم في السابق على نطاق محدود وربما في الأيام الأخيرة قبيل الانتخابات، فسيكون في الانتخابات القادمة أكثر وضوحاً، بل ومبكراً جداً.الدائرة الخامسة ستكون من دوائر العواصف الانتخابية والمفاجآت في تصوري، ولا أخفيكم سرا حين أقول إني لا أستطيع الانتظار من شدة الترقب لأشهد ما سينجلي عنه الغبار... ورمضان كريم!
مقالات
عواصف الخامسة!
16-09-2007