انتهى هذا الأسبوع البرنامج الشعري «الحدث»، وانفضّ السامر، وعاد أحد الشعراء إلى بيته «غير الشعري» محملا بالنقود الكثيرة، وبقي بيته الشعري مثار جدل، وسؤال معلّق: هل يستحق هذا البيت قيمته؟! البعض سيدافع بحماس عن الشاعر وعن بيته الذي أدخله خانة «المليونيرية»، والبعض الآخر تحدث عن عدم حيادية لجنة التحكيم، ونيّتها المبيّتة في فوز شاعر بعينه، وظُلْم الشعراء الآخرين الذين هم في نظر هذا البعض أكثر جدارة واستحقاقا بالفوز من الشاعر العريس.

Ad

طبعا هناك قبائل ستثور، وستستنهض الهمم والعزائم للانتصار لشاعرها المخذول المغبون، والذي لم يحالفه الحظ بالفوز باللقب، وستعتبر ذلك إهانة موجهة اليها شخصيا، ولكرامتها، وتاريخها العظيم، ونكاية بهذه القبائل ستقوم قبيلة الشاعر الفائز بالاحتفال على طريقتها الخاصة، وذبح الجمال (بكسر الجيم وربما بفتحها)، وإقامة الولائم العامرة، وسيزف شاعرها مصحوبا بالأغاني الفلكورية والرقصات الشعبية، تحت الخيام الكبيرة جدا المعدة لمثل هذه الاحتفالات الوطنية العظمى، وسيتسابق المواطنون فقيرهم قبل غنيهم للاحتفاء بالشاعر، والإصرار عليه عن طريق أغلظ الإيمانات لقبول دعوته إلى بيته ليتشرف هذا البيت بدخول الشاعر الذي جلب العز للوطن، ورفع هامة الوطن عاليا على رغم الأعادي والحساد.

ومن الطبيعي أيضا أن يصبح عريس الشعر خلال الأيام القادمة مادة إعلامية دسمة لكثير من وسائل الإعلام، ولن يهدأ قلب وسيلة إعلامية تهتم بالشعر قبل أن تستضيفه للحديث عن المناسبة، والصراعات الخفية التي تخللت المسابقة، وما إلى ذلك من الأحاديث الشيقة.

بهذه المناسبة أهنئ الشاعر الفائز، مع تمنياتي بحظ أوفر لبقية الشعراء، وأهنئ أيضا القائمين على البرنامج على هذه المتابعة الجماهيرية التي يحظى بها، والتي لم يحظ بها برنامج مشابه من قبل، ومهما قيل عن البرنامج من ملاحظات قصدها البناء أو الهدم، أنا أرى أن هذا وضع طبيعي لأي عمل ناجح، إذ لابد أن يكون هذا العمل مثار جدل، بين مؤيد ومعارض، ولكن مع ذلك أتمنى على القائمين على البرنامج ألا تأخذهم نشوة الفرح بالنجاح بعيدا عن الأرض، وتحلق بهم في سموات بعيدة جدا للدرجة التي لا تمكنهم من رؤية من ساندهم من الجمهور، وألا تسدّ آذانهم كلمات الإطراء والمديح، عن تلك الكلمات الصادقة والمخلصة، والتي ربما لا يريدون ان يسمعوها، وألا تعمي أبصارهم أضواء الفلاشات القوية المبهرة، عمن يشير اليهم من خلف الجمع بأصبعه عن شقّ ما في ردائهم المرصّع بالجواهر، قد لا يكون كل ما قيل وسيقال عن البرنامج من سلبيات صحيحا، ولكن قد يكون بعض هذه الانتقادات صائبا، فلابد أن يفتحوا قلوبهم جيدا، ليفلتروا هذا الكم من السوء لعلهم يجدون فيه ما يدفعهم خطوة أخرى الى نجاح أكبر في الأعوام القادمة.

كلمة اخيرة أقولها للجنة التحكيم، برغم تفاوت القدرات بينكم، وتفاوت قبول الجمهور لكل عضو فيكم، فإنني أؤكد أنكم كنتم عنصرا أساسيا ومهما وشريكا أصيلا في هذا النجاح... مع تمنياتي القلبية الصادقة لكم بمزيد من النجاح والتوفيق.