الإسلام قيد الفتك
من يوجه بندقيته نحو الداخل في هذه اللحظة التاريخية مشكوك في أمره أصلاً، فكيف إذا كان يستخدمها بطريقة «الفتك» والغدر وبالطريقة العشوائية التي تأخذ الأكثرية البريئة بجريرة الأقلية المذنبة.عندما دخل والي الكوفة زياد بن ابيه إلى بيت هاني بن عروة كان قد سبقه إليه سفيرالإمام الحسين مسلم بن عقيل الذي اضطر في هذه الأثناء إلى الاختباء، لأنه كان مطلوبا من الوالي، ولما كان هاني من المتعاطفين مع إمام العلويين والمتحمسين للتخلص من حكم الوالي المذكور، كما هو حال غالبية سكان أهل العراق آنذاك، الذين كتبوا الى الحسين يستنجدون به للتحرر من استبداد حاكمهم، فقد رأى الفرصة سانحة ليدخل على مخبأ مسلم، ويطلب منه الانقضاض على الوالي «بالضربة القاضية»، وكفى الله المؤمنين شر القتال! فماذا كان جواب مسلم له؟: «الإسلام قيد الفتك»! أي أنه أبى أن يقوم باغتيال عدوه وخصمه الذي كان قد وضع جائزة كبرى لمن يأتي برأسه، إلابطريقة القتال الدفاعي في ساحة الحرب، ووجهالوجه حتى لايؤسس لبدعة الاغتيالات في الإسلام وباسم حفيدالرسول «ص».
مادفعني الى استحضار هذه الواقعة التاريخية اليوم في الحقيقة، هو مايجري في هذه الأيام في بلادنا من سفك غير أخلاقي وغير مبرر وغير شرعي إطلاقا للدماء من بغداد إلى غزة إلى لبنان على طريقة الفتك، وليس على طريقة قتال الشجعان، أوالاسشهاديين المفترض ضد الأجنبي المحتل. إنه العبث والعدمية والغرائزية وقلة العقل والدراية وانعدام الوزن والخروج على جادة الصواب وانحراف البوصلة تماماً، ولا تنفع ولاتقنع هنا كافة التبريرات المقدمة من قبل الأطراف المتورطة كلها دون اسثناء! فمن يوجه بندقيته نحو الداخل في هذه اللحظة التاريخية مشكوك في أمره أصلاً، فكيف إذا كان يستخدمها بطريقة «الفتك» والغدر وبالطريقة العشوائية التي تأخذالأكثرية البريئة بجريرة الأقلية المذنبة! ثم ماذا يعني أن تهاجم مساجد أهل السنة مثلا وتحرقها رداً على مهاجمة زمرة مشكوك في أمرها، كما نقول، لمرقدالإمامين العسكريين... أليس في هذا تبرير وشرعنة للعمل الأول؟! وماذا يعني إحراق بيوت قيادات فتحاوية، أورمي كوادر أو مناصرين لهم من السطوح أو إعدام إناس أمام عوائلهم أو اجتياح بيوت ومقرات قيادات السلطة بحجة أنها مقرات للفساد والأشرطة الجنسية؟! وقد يكون كل ذلك صحيحاً، ولكن ماذا نعمل بالتشريعات الدينية المشددةوالمؤكدة على حرمة ضرب المجرم والمحكوم بالاعدام بكف إضافي؟! وأخيرا، ماذا يعني تدمير الحجر وحرق البشر والشجر وإثارة الرعب في جمهور كبير من الناس العاديين بحجة الاقتصاص من القتلة والمجرمين المختبئين بينهم؟! وماذا يعني إشاعة «ثقافة» اغتيال المعارضين بأي ثمن كان حتى لوأدى ذلك إلى اغتيال وطن بأكمله؟! إن كرامة الأولياء والأئمة والصالحين وكذلك كرامة الفصائل المقاومة، وأيضا كرامة الجيوش وسيادة البلدان وقدسية القضايا التي يتم الدفاع عنها، لا تبررالعبث الجاري بأرواح الناس وبقيم العدالة باسم الناس والعدالة فحسب، بل هي تضر بهما أشدالضررأيضا، وتجعل القضايا المقدسة بمرور الزمان خارج دائرة اهتمام الناس تماما، كما أنها تقضي على كل أفراحنا بالمقاومة والتحرير، وهو ما حذر منه مبكراً ولا يزال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ذلك العاقل والحكيم الذي يبدو أنه بات وحيداً وغريباً حتى بين «أهله وعشيرته»! كاتب إيراني