Ad

يا سبحان الله! هل الحسم والوضوح، وحب الوطن والولاء له يا أعزاء، لا تظهر إلا بالخصومة المريضة، وبتعبئة المقالات بالشتائم والألفاظ الفاحشة؟ هل دليل حب الوطن أن يسمح لبعض الناس بالفجور في خصومتهم نحو مَن أخطأوا عبر تأبينهم لعماد مغنية إلى حد إيصال الأمر إلى اللمز بكل الكويتيين الشيعة والتشكيك بأصولهم والغمز بأن ولاءهم لإيران وليس للكويت.

نعم، قد تكون بلادي متعثرة وسائبة قليلا، وربما كثيراً، هذه الأيام، ولكنها قطعاً ليست فاجرة. الفجور الذي أعني هو ذاك الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثه يوم قال: آية المنافق ثلاث، وذكر منها إذا خاصم فجر. بلادي التي أفتخر بالانتماء إليها ليست فاجرة، وشعبها الشريف الغيور عليها، ليس ممن إذا خاصم فجر. مبادئ ديننا وأخلاقنا وانتمائنا لهذا الوطن الكريم المسالم علمتنا جميعا كيف لا نقابل الإساءة بالإساءة وإن عظمت. لا نقبل الظلم، ولا نسكت عن الحيف، وننتفض غضباً عند المساس بمحارمنا وعند تجاوز الحدود بسوء نحونا، ولكننا نبقى بالرغم من كل هذا ومهما اشتدت الخطوب فوق هامات السحاب وفي مقدمة قوافل الأمم برقي أخلاقنا ونبل تعاملنا ونقاء ووضوح مواقفنا.

هذه بلادي التي أتشرف بحمل جنسيتها، وهؤلاء أبناء شعبي وأهلي الذين أرتبط وألتحم بهم في الشدائد قبل المسرات، بدواً وحضراً، سنة وشيعة، بلا استثناء، وأما مَن سواهم، كائناً من كانوا، فليسوا أبناءً بررة لهذه البلاد، ولا يعرفون معنى الوطنية الحقيقية، بل أتباع لنفوسهم المريضة وأهوائهم المنحدرة، وأنا وكل كويتي شريف بريء من تصرفاتهم.

لماذا أجيء اليوم بهذه المقدمة «الرومانسية»؟ السبب هو أن بعض الأعزاء اتهموني بالرومانسية والتهميش في تعاملي مع موضوع تأبين عماد مغنية، وأن خطبا جللاً مثله لا يحتمل ذلك، بل يتطلب كلاماً واضحاً وضربات حاسمة قاطعة!

يا سبحان الله! هل الحسم والوضوح، وحب الوطن والولاء له يا أعزاء، لا تظهر إلا بالخصومة المريضة، وبتعبئة المقالات بالشتائم والألفاظ الفاحشة؟ هل دليل حب الوطن أن يسمح لبعض الناس بالفجور في خصومتهم نحو مَن أخطأوا عبر تأبينهم لعماد مغنية إلى حد إيصال الأمر إلى اللمز بكل الكويتيين الشيعة والتشكيك بأصولهم والغمز بأن ولاءهم لإيران وليس للكويت، كما هو حاصل الآن في بعض المقالات والمنتديات وتعقيبات القراء في مواقع بعض الصحف؟ هل دليل حب الوطن أن يغيب العقل ويشل المنطق وينطفئ الضمير، فيندفع المرء مع المندفعين للتصريح كما أجبروا أحد النواب على التصريح بأنه أول من أدان مغنية، وكأن ولاءه لبلده صار في محل الشك، ويريد الآن أن ينفذ بجلده؟!

إن السماح بفتح هذا الباب اليوم، وهذا الكلام أوجهه للشعب، وليس للحكومة لأني يئست منها، سيجعله مشرعاً لكل ما سيليه من اتهامات بين الناس بالتخوين والعمالة والولاء للأعداء، ولن يسلم منه أحد، وسيصبح الجميع تحت طائلة التشكيك في انتمائهم وولائهم كلما نعق ناعق في صحيفة أو قناة!

منذ فترة ليست بالقصيرة، بدأ «بنك الخليج» حملة إعلامية جميلة تحت شعار (حبنا للكويت يوحدنا)، وحملت «اليافطات» صورة لثلاثة عقل أحيانا أو ثلاثة أساور في أحيان أخرى، مشتبكة بعضها بعضاً في دلالة على التلاحم والترابط. وكنت قد وضعت ملاحظة في مفكرتي الإلكترونية لكتابة مقال حول الموضوع. واليوم أجد للموضوع مدخلا في ظل ما يحصل على الساحة.

كنت سأتناول الموضوع من زاوية أخرى تماماً، وهي الحديث عن مفهوم المسؤولية المجتمعية للشركات الخاصة وكيف أنه صار يتجاوز مجرد التبرع لدعم مشاريع الخير من تعليم وصحة وغيرها، إلى دعم المبادئ الوطنية على غرار حملة بنك الخليج حالياً، وصولاً إلى اتخاذ مواقف مبدئية من قضايا حساسة كقضايا حقوق الإنسان مثلاً كما تفعل بعض الشركات العالمية.

لكنني سأتجه اليوم بدلاً عن ذلك إلى التفكر عند معنى هذه العبارة الجميلة. حبنا للكويت يوحدنا. نعم يا سادة، حب الوطن الحقيقي يناشدنا أن نتحد ونتكاتف مهما تمايزنا واختلفنا، ولا يمكن أن يدعونا إلى الفرقة والتباغض. شكراً «بنك الخليج» على هذه الدعوة الجميلة التي يغيب مدلولها ومعناها عن أذهان الكثيرين وللأسف.

****

دعوة محبة إلى الزميلة (الراي)، والتي أكن لها عميق التقدير والحب لاحتضانها زاويتي لفترة من أجمل فترات عمري الصحفي قبل انتقالي إلى (الجريدة)، ولكونها من الصحف الوطنية التي أعلم مقدار حرصها على كل ما فيه خير للكويت، دعوة أوجهها للأخ والصديق جاسم بودي بأن يجري متابعة التعقيبات التي ينشرها القراء في موقع الصحيفة على الانترنت.

أنا أفهم وأقدر أهمية حرية الرأي والتعبير، وأعرف حرص الزملاء في (الراي) عليها، ولكنني لا أظنهم سيختلفون معي إن هم راجعوا تلك التعقيبات والردود بأن بعضها خارج عن حدود المقبول، خصوصاً في مسألة التشكيك بالوطنية ولمزها للمذاهب والأصول.